وجهات
نظر
كاظم
فنجان الحمامي
الفرق بين الوطني والسياسي: أن الأول يفكر بمستقبل الأجيال القادمة، بينما
يفكر الثاني بمستقبل الانتخابات القادمة، فما إن تجاوزت
عقارب الساعة منتصف الليلة المقررة لانطلاق سباق الملصقات الانتخابية حتى اندفعت
قوافل السيارات في كل الاتجاهات، وزحفت معها الأفواج والفرق والسرايا المكلفة
بتسلق أعمدة الكهرباء وتعليق الملصقات واللافتات واللوحات العملاقة، في مشهد
تنافسي يفوق الخيال، ويتجاوز التصورات العقلية.
فرق وأفواج وكتائب مدربة،
عملت ليل نهار بدوافع حماسية ليس لها نظير، فتحركت بقوة غير متوقعة لتطوق الساحات
بملصقاتها الملونة والمثقبة، وتغلف الأسيجة الخارجية بلافتاتها ومنشوراتها التي
حملت أجمل العبارات، وبشرت الشعب العراقي بكم هائل من المنجزات والخيرات الموعودة.
سباق محموم يفوق في أهدافه
أهداف سباقات الألعاب الأولمبية نحو تحقيق الأرقام القياسية في تعليق الملصق
الأكبر والأوسع والأعلى والأكشخ، وغارات استباقية مباغتة لاحتلال المواقع
الإستراتيجية المؤثرة على الرأي العام، والويل كل الويل لمن يزحف على الملصقات، أو
يتلاعب بمواقعها أو يمزقها.
تكتلات وتشكيلات سياسية مئوية،
متباينة الأجندات والأهداف والتوجهات، وكيانات قديمة وأخرى مستحدثة، تلوح
بشعاراتها الحماسية لتداعب المشاعر الوطنية وتستغلها وتستثمرها لصالح المرشح.
لقد تزاحمت في مدننا الملصقات
الورقية مع اللافتات القماشية واللوحات الضوئية بفوضوية لا تخطر على البال، فتحولت
مداخلها إلى كرنفال يعج بملايين الصور والملصقات، وبانت منذ الآن ملامح الفوارق
المادية بين الكيانات الغنية والكيانات الفقيرة، وبين الصغيرة والكبيرة، والقوية
والضعيفة، فالملصقات دالة الكيانات، وبها تُقاس مؤشرات الفوارق المالية بين
المتنافسين.
ترى هل سيفقد المرشحون
انفعالاتهم الاستعراضية ؟، وهل سيتلاشى حماسهم الوطني بعد تحقيق الفوز في صناديق
الاقتراع ؟، وهل سيحتفظون بالحد الأدنى من تفاعلهم معنا؟، وهل سيتواصلون معنا بهذا
الحماس وبهذه الهمة وبهذا الاندفاع؟ أم أنهم سيحرقون ملصقاتهم في محطات الخمول والركود بعد ضمان صعودهم إلى قمة الهرم القيادي؟، وهل سيتنكرون
لنا ويتكبروا علينا؟ أم أنهم سيتمسكون بوطنيتهم، ويضحوا بأموالهم وأنفسهم من أجلنا،
ولن يتسببوا لنا بجلب المزيد من الويلات والنكبات؟
والله يستر من الجايات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق