صلاح المختار
عدة اهداف وراء الغارات الاسرائيلية على سوريا، ولكن من بين الاهداف احدها وهو الأهم ويتجاهله كثيرون مع انه يفسِّر ما يجري في سوريا والعراق وغيرهما وهو ضرورة دوام أي صراع في اي قطر عربي وعدم السماح بتوقفه قبل ان يوصل لتقسيم وشرذمة ذلك القطر.
ان اهم خطط الغرب الاستعماري، ومعه طبعا اسرائيل، خطة اشعال حروب او صراعات عدائية عربية/ عربية بين الاقطار وداخل كل قطر بين القوى السياسية لإيصالها الى الانهيار والتشرذم.
ولكي تصل الحالة الى حد الانهيار الكامل والتشرذم الذي ليس بعده تجميع او توحد يجب تعميق الصراعات وإدامتها وجعلها تولد نزعات الثأر لقساوتها ووحشيتها وعدم السماح بتوقفها من جهة، كما يجب لاجل تحقيق الهدف الاول دعم الطرف الذي بدأ بالتراجع والضعف لتقويته وجعله قادرا على مواصلة الصراع وعدم تحقق هزيمة تنهي الصراعات قبل تحقيق الهدف الحقيقي ستراتيجيا وهو تقسيم وشرذمة الاقطار العربية، من جهة ثانية .
ان ضرب سوريا في ضوء ما تقدم هدفه الواضح جدا هو منح النظام دفعة معنوية قوية على اساس ان هجوم اسرائيل عليه دليل على صحة اتهاماته للمعارضة السورية بانها (عميلة) للغرب واسرائيل وقطر وتركيا ...الخ ، وهذه التهم هناك من يشكك بها ويرفضها وهناك من يصدقها ، وبما ان النظام واجه حالة الاقتراب من الانهيار فان مصلحة اسرائيل وامريكا تكمن في تعزيز موقفه وتقديم دعم عاجل له لمنع اتهياره كي يواصل الحرب على الشعب السوري ، فكانت الغارات هي الخطوة التي ربما تحقق هذا الهدف على الاقل في اوساط النظام السوري وشبيتحه العرب الذين اخرستهم سياسات النظام الخادمة لاسرائيل وامريكا طوال اكثر من اربعة عقدود .
وبالفعل فقد استثمر السيد عمران الزعبي وزير اعلام بشار الغارات لتأكيد اطروحة النظام وهي (ان المعارضة عميلة لاسرائيل) بدليل قيام الاخيرة بالغارات ! ان تساذج الزعبي هو الذي جعله لا يرى ان الغارات هي دعم مباشر للنظام وليس اضعافا له ، وهذه الضربات تكمل الموقف الغربي خصوصا الموقف الامريكي والذي قام اولا بتشجيع المعارضة على مواصلة القتال ووعدها بالدعم بالسلاح بل وبالتدخل العسكري ، وهددت امريكا واوربا به مرارا وتكرارا واصبحت معزوفة ان الاسد انتهى وعليه الرحيل وانه فقد شرعيته تنشد يوميا لدرجة الملل من سماعها ! وقد اصاب ذلك انصار اسد بالاحباط وتسارعت عمليات الانهيار وتقدم المعارضة المسلحة حتى ان الكثيرين توقعوا ان يستيقظوا صباح احد الايام ليروا بشار في قبضة الشعب !
لكن هذا التوقع لم يحصل ليس لضعف المعارضة بل لان الغرب قدم دعما خفيفا لا يغير موازين القوى بسرعة ورفض تقديم اسلحة نوعية وعدت بها ، وهي اسلحة متطورة قادرة على تحييد طيران اسد ودروعه وبذلك تستطيع المعارضة تحقيق تقدم اكبر وتقترب من حسم الامور لصالحها . كما ان الغرب لم يقم بالتدخل عسكريا كما فعل في ليبيا طبقا لوعود رسمية وعلنية ، والاكثر من ذلك انه لم يحقق المطلب الاقل اهمية للمعارضة وهو منع القوة الجوية السورية من قصف المعارضة ، وهكذا بكل هذه المواقف نجح الغرب بتعزيز قوة نظام اسد فتمكن من مواصلة الحرب على شعبه بلا هوادة ، وتأتي الغارات لاكمال عملية تعزيز موقف النظام وتمكينه من الاستمرار في شن الحرب على الشعب السوري كي لا تتوقف الحرب قبل تقسيم سوريا وتعميق روح الثأر والعداءات بين السوريين لعدة اجيال .
علينا تذكر هذا الهدف الامريكي الاسرائيلي التقليدي والثابت لانه يفسر لنا الكثير مما يبدو غامضا من مواقف واحداث ، وفي كل الاحوال تأكيد هذه الحقيقة لا يعني بأي حال من الاحوال عدم إدانة الغارات على سوريا فهي غارات على الشعب السوري وعلى اسلحة يفترض ان تسقط بيد الشعب بعد اسقاط النظام لتكون مصدر قوة في مواجهة اسرائيل ، لذلك لابد من إدانة هذه الغارات بأشد العبارات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق