وجهات نظر
صلاح المختار
في كبرنا نكتب بقلم رصاص، لأننا تعلمنا ان الكتابة بالحبر ليس سهلاً محوها
حكمة من يريد تجنب الخطأ
ثمة فهم تبسيطي خاطئ لنظرية
المؤامرة يقوم على الخلط بين ما يسمى ب Conspiracy Theory (نظرية المؤامرة) والمؤامرة ذاتها Conspiracy ، مع ان ثمة فرقا كبيرا بينهما لم
يمنع البعض من استعمال الاولى (نظرية المؤامرة) لاخفاء الثانية (المؤامرة) بتعمد
غالبا ، فالبعض يدعي ان لفت النظر الى وجود مؤامرة تنفذ فعلا يقع في صلب نظرية
المؤامرة في حين ان هذه النظرية لها اركان معروفة في علم السياسة وفن السياسة ، اذن : ما هو الفرق
بينهما؟
ومن بين ابرز أشكال نظرية
المؤامرة المبالغات الفجة في قوة الماسونية واعتبار العالم كله واقعا تحت نفوذها
وسطوتها ، مع ان امر ليس كذلك ، وبناء عليه تفسر كل الاحداث وفقا لمشيئة الماسونية
التي لا تقهر كما كانت امريكا قوة لاتقهر قبل غزو العراق لكن مقاومة العراق قهرتها
واذلتها . وباقناع بعض الناس بوهم القوة التي لا تقهر تزرع فكرة خطيرة في اذهان
الناس وهي ان الفاعل الحقيقي ، وهو المستعمر والغازي الاقليمي او الدولي يترك بلا
متابعة بحجم دوره التدميري لانه مجرد واجهة للعصابة الخفية فنقاتل او نستسلم لقوة
مجهولة ببساطة لاننا لا نستطيع توجيه ضربة لشيء لا نراه ولا نعرفه
ولا نستطيع تحديد مكانه !
ويذهب البعض الى ابعد من ذلك
بافتراض ان العالم كله مسير منذ ادم وحواء وحتى الان من قبل الشيطان ورديفه المسيح
الدجال وحزب الشيطان الذي يضم مخلوقات احتلت الجسد البشري واصبح شكلها بشري لكنها
عبارة عن مخلوقات تنتمي لجنس يشبه السحليات وهو المسيطر على الارض كلها واتى من
الفضاء الخارجي لاستعمار الارض ! اما عند ( اعز ) جيراننا وهم الفرس فقد طوروا نظرية
عودة المسيح والمسيح الدجال ووضعوا المهدي المنتظر محل المسيح فخلطوا بين المسيح
والمسيح الدجال والمهدي المنتظر ! وحولوا الانسان
الى مخلوق اسوأ من الحيوان في خضوعه لفتاوى ونظريات رجال الدين وقبوله بكل ما يصدر
عنهم حتى لو كان توقع المستحيل وقلب التاريخ الانساني رأسا على عقب ! وتبعا لذلك فان مصيرنا مقرر سلفا من قبل
المنتظرين : المسيح والمسيح الدجال والمهدي المنتظر ! لذلك علينا ان ننتظر الانقاذ
من المنتظرين ونترك العمل ونمارس شتى اشكال السخافات والاعمال المقززة .
اما الاقل غرابة من نظريات
المنتظرين فهو نظرية ايريش فون دينكين السويسري الذي روج لنظرية ان الانسان عبارة
عن مخلوق نتج عن تزواج البشر الذين كانوا اغبياء مع مخلوقات هبطت من السماء وتتمتع
ذكاء خارق فانجب هؤلاء من يسمون ب( ابناء الالهة ) في الاساطير القديمة ! وطبقا
لهذه النظرية فان الانسا ن والكرة الارضية عبارة عن مختبر كبير لتجربة المخلوقات فيها وتشرف
على تلك الاختبارات اجناس بالغة الذكاء يصفها دينيكن باننا بالنسبة لها مثل النمل
بالنسبة لنا ! وكتابه (عربات الالهة ) هو احد اهم مصادر هذه النظرية .
نظرية المؤامرة هذه هي المؤامرة
الحقيقية لانها تتأمر على وعي الانسان السليم
بتشويهه وتعطيل رده واجباره على انتظار المهدي او المسيح لينقذه ! ، كما انها تآمر
على حرية الانسان وكرامته الانسانية ومصيره وجعل تطبيق العدالة بعيدا وحلما
اسطوريا ، فمن يروجها ربما لا يعلم نتائجها وابرزها استبعاد الانسان وتسييره كعبد
لا عقل له ولا ارداة وهكذا تستمر العصابة الفعلية باستغلال العالم وهي عصابة اوغاد
الرأسمالية العالمية دون تحميلها المسؤولية كاملة عما يقع من مظالم . وتقوم هولي
وود بدور حاسم في تنفيذ تلك الخطة الجهنمية لاستعباد البشر بغسل ادمغتهم وزرع
افكار خيالية تسلبهم القدرة على النضال من اجل حياة حرة كريمة ، ومن يتذكر الافلام
والمسلسلات الامريكية حول الفضاء والخيال العلمي يدرك مانقصده مثل فيلم (لقاء من
النوع الثالث) ومسلسل (ستارترك) وما يروج منذ بضع سنوات خصوصا في الانترنيت حول (القادمون)
لغزو العالم من الفضاء الخارجي !!!!
نظرية المؤامرة اذن عمل
منظم ، مخابراتي غالبا ، لتسيير الانسان وسلبه حرية العمل والمبادرة بجعله يظن انه
لا يستطيع التحرر من قوى جبارة تتحكم به
وبمصيره وان عليه فقط ان يستسلم ! فهل تطابق هذه النظرية مفهوم المؤامرة ؟ ان
مفهوم المؤامرة شيء اخر مختلف وان تشابهت الاسماء وهذا هو احد اسباب خلط مثقفين
بين نظرية المؤامرة ومفهوم المؤامرة ، فالمؤامرة كل عمل يوضع لتغيير حالة او لالحاق
الضرر بشخص او جماعة او دولة ، وسميت مؤامرة لانها تقوم على السرية غالبا لاجل
تضليل الضحية وجعله لا يفهم ما يجري حوله لاجل ضمان تصفيته ، او اذا انتبه وفهم
يضلل باكثر من طريقة لابقاءه غافلا عما يعد له .
ولذلك فمفهوم المؤامرة هو
عمل بشري وليس له صلة بقوى خارقة لا يمكن قهرها سواء كانت عصابة بشرية متفوقة او
مخلوقات غريبة، وهو بسبب بشريته قديم قدم صراعات البشر واتخذ اشكالا مختلفة ومارسه
كل الحكام وربما بعض الناس على مستوى فردي، فالذي يريد الاستيلاء على مال غيره
يخطط للقيام بذلك بسرية ويتظاهر بالورع والتدين غالبا – تذكروا ان اخطر ادوات
احتلال العراق هم رجال الدين سنة وشيعة -
لاجل خداع الضحية وضمان الثقة به وعندها ينفذ مؤامرته ، وتلك هي المؤامرة
بعينها ، انها حالة واقعية ومألوفة في التاريخ ، وهي من ثمرات المجتمع البشري المنقسم
والمفتقر للعدالة بشقيها القانوني والاجتماعي .
اما على المستوى السياسي
فان المؤامرة تقترن غالبا باسقاط انظمة بخطط سرية ، او احتلال اراضي دول اخرى او
احتلال دول بكاملها ، كما حصل للعراق في عام 2003 ، او احتلال فلسطين بعد قرار
المؤتمر الصهيوني الاول باعتبارها وطنا
قوميا لليهود فوضعت خطة طويلة المدى تصل لاكثر من مائة عام لتنفيذها على مراحل
متعاقبة . وفعلت النخب القومية الفارسية نفس الشيء بوضع خطة خمسينية بخمسة مراحل
كل مرحلة عشر سنوات هدفها اقامة امبراطورية فارسية مسيطرة على العالم الاسلامي كله
تحت غطاء نشر التشيع الصفوي . اما النخب الرأسمالية خصوصا الامريكية فانها الاكثر
تأمرا على الدول والبشر ولذلك فانها تضع خططا لنصف قرن لاجل تحقيق السيطرة على
موارد الكرة الارضية كلها .
نحن نرى كل ذلك ونحن نعاني
من كوارثه يوميا ولا نتخيل او نتوهم بوجود شيء غير موجود ! والانكار هو حالة مرضية
سببها تشوش الوعي وهو ما يقوم به الاعلام ، او انه عمل هدفه اخفاء المؤامرة وتسهيل
تطبيق خطواتها فهل ما نراه منذ قرن او اكثر مجرد اوهام نظرية المؤامرة ؟ ام انها المؤامرة ذاتها وهي تطبق على مراحل
متتابعة ومتكاملة ؟
اذن نحن بأزاء مفهومين
مختلفين المفهوم الاول هو نظرية المؤامرة وهدفها الاول والاهم هو اخفاء المؤامرة
الحقيقية بغسل ادمغة البشر وزرع معلومات مضللة او نصف حقيقية فيها لاجل جعلهم
ينفذون خطط او يقبلون بها رغم انها ضد مصالحهم ! ومن الضروري الانتباه الى حقيقة
جوهرية في نظرية المؤامرة وهي انها تستمد قوتها ليس من ادواتها فعلا بل من قدرتها
على اقناع الناس بان تحت تصرفها قوة لا
تقهر ولا تقاوم ولذلك يجب الاستسلام لها كليا ! وهكذا لا تواجه العصابة المتأمرة
اي مقاومة ويستسلم الناس لها بلا اجبارها على تقديم ثمن باهض يجردها من كل مظاهر
القوة المرسومة دعائيا لها ، مثلما حصل لامريكا في العراق بعد الغزو حيث ثبت انها
نمر من ورق ولو ان شعب العراق وطليعته البطلة المقاومة العراقية صدقا قصة ان
امريكا لاتقهر لحصل الغزو وتمكنت امريكا من البقاء في العراق ليس نصف قرن ، كما
وعد قادتها ، بل قرونا طويلة ! الخطر
الاكبر لنظرية المؤامرة هو انها تسلب الانسان حرية المبادرة والنضال وتجعله مضطرا
للاستسلام للعدو الغامض بدون قتال تماما كما سلم حافظ اسد الجولان لاسرائيل بلا
قتال !
اما المفهوم الثاني فهو
مفهوم المؤامرة وهو مفهوم عادي ينسجم مع انماط حياة وصراعات البشر وحنكتهم او
لؤمهم واطماعهم او اهدافهم النبيلة وحسب الناس ، فلكي يصل فرد او جماعة لاهدافها
في بيئة لا تسمح بذلك سواء كانت بيئة ديمقراطية كامريكا واوربا الغربية ، او في
بيئة استبدادية كما هو حال الشرق ، فان اللجوء الى العمل التأمري امر طبيعي . والمؤامرة
هنا لا تقتصر على الغزو بل ان عمادها الاقوى هو التضليل ، فمن يستخدم في تحقيق
اهداف المؤامرة يجب اولا ان يقتنع بصواب ما يقال ، وعلى العالم ، او بعضه على
الاقل ، ان يكون مقتنعا بان الغزو ضروري لان الغازي صاحب حق قديم وما يقوم هو
استرجاع الحق كما قالت الصهيونية عند احتلالها لفلسطين .
وعلى مستوى العالم فان
القوة الاعظم التي تصورت ، وصورت نفسها ، انها سيدة القرن الجديد وان مصير العالم
قد تقرر نهائيا بانتصار الرأسمالية الامريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي – كما
روج فوكوياما – كانت تعرف انها عاجزة عن السيطرة على العالم لانها لا تملك
الامكانيات المطلوبة لتحقيقه – وهذا ما اعترف به وحذر منه بريجنسكي - لهذا كان
ضروريا اللجوء لوضع خطط تأمرية متعددة تقنع العالم بان امريكا لاتقهر وبان
مواجهتها انتحار حتى من قبل القوى العظمى الاخرى . وروجت لهذا الغرض معلومات عن
اسلحة سرية لم يعلن عنها بعد وعن تكنولوجيات تحسم اي حرب لصالح امريكا ، وقلل
كثيرا من شأن الازمة البنوية في النظام الرأسمالي الامريكي وروج كثيرون لنظرية
بائسة تقول بان الرأسمالية قادرة على التكيف وتطوير نفسها لحل اي مشكلة ! وتولت
هولي وود المهمة الاكبر في غسل ادمغة الامريكيين اولا والعالم ثانيا بان امريكا هي
سيده العالم بلا منازع وانها قادرة على سحق من يعترض طريقها !
بعملية الخداع هذه ،
وبضمنها أستخدام نظرية المؤامرة بالكثير من اشكالها ، تأمرت امريكا وارادت بقدراتها
العسكرية والتكنولوجية المتفوقة ان تجعل من غزو العراق مثالا لما سيحصل لكل شعب
يقاوم امريكا ويرفض هيمنتها ، فكانت العملية اولا وقبل كل شيء تأمر على قرار البشر
الحر ومصادرته وابتزاز لهم واجبارهم على الاستسلام بدون قتال . لكن ما حصل في
العراق فجر هذا البالون الهولي وودي بدبوس المقاومة العراقية ، فتناثر البالون وسقطت
مؤامرة امريكا برمتها مع ان النخب
الرأسمالية تحتاج لغزو العالم بلا حروب عسكرية والا ستموت تلقائيا .
ماذا تفعل امريكا وهي تعرف
ان فشل غزوها للعالم هو قبول بموتها الحتمي مادامت موارد العالم هي الدواء الوحيد
الذي يطيل عمرها ؟ الجواب : طورت بديلا ذكيا يستطيع خداع من ماتت اماله نتيجة الاحبطاطات المتكررة خصوصا
فشل اسقاط الانظمة والبديل هو (الدولة الفاشلة ) والتي تعني تدمير الاعداء
المستهدفين بايديهم هم وليس بقوة امريكا فتستغل انحرافات النظم العربية وفسادها
وضعفها لاجل اعداد نخب ترفض ذلك وتزود باساليب عمل تخلخل النظام وتسقطه ، لكن هذه
النخب عاجزة عن اقامة البديل السليم حتى
لو اردات ذلك لانها غير مؤهلة لهذا الهدف ، ومن ثم دفع القطر كله للوقوع في حجيم
الفوضى الهلاكة التي اذا استمرت تقود الى تفكيك ليس الدولة ومؤسساتها فقط بل شرذمة
المجتمع وتدمير منظومات القيم السائدة فيه ايضا وهذا هو الخطر الاكبر .
ان مفهوم الدولة الفاشلة ، او
مفهوم (الجيل الرابع ) من الحرب وهو ( الحرب اللامتماثلة ) Asymmetric war هو الحل الذي يسمح لامريكا ، بدون غزو اقطار وتقديم
خسائر باهضة لا تتحملها مثلما حصل في العراق ، بالوصول الى تدمير الاقطار
المستهدفة تدريجيا بيد ابناءها وبعد وصول الدمار العمراني والبشري حدا لا يطاق
تزرع فكرة مضللة تقول بان طلب التدخل الامريكي ضروري لايقاف الكوارث ! وهكذا
تستولي على موارد العالم تدريجيا بدون خسارة جندي واحد او دولار واحد ! هل هذه
فرضية نظرية ؟ كلا انها واقع نراه الان يتشكل في سوريا وليبيا ومصر وتونس واليمن
ولبنان كما رأيناه في العراق . فكيف ننكر وجود مؤامرة تنفذ فعليا وبلا غموض ؟ وهل
يمكن لعاقل لديه حد ادنى من الخبرات الانسانية ان لا يربط ما يجري لنا منذ عام
2011 وحتى الان بما بدأت به المؤامرة الاكبر عندما عقد المؤتمر الصهيوني في سويسرا
واتخذ قرارا باقامة وطن لليهود في فلسطين وتتابعت التغييرات خطوة بعد اخرى لتحقيق
الهدف الصهيوني هذا ؟
لماذا تستخدم نظرية
المؤامرة ؟ يمكن التأكيد على ان تسخيف
فكرة وجود مؤامرة حقيقية هو الهدف المباشر ، فحينما تصبح قضية التأمر هاجسا مرضيا وتستحوذ
فكرة الاستهداف على عقل ومشاعر شخص ما
بسبب ترويج نظرية المؤامرة بكافة اشكالها ويبدأ بستخدام افكار غير منطقية ولا
واقعية ترفض وتسخف ، فيحوله رفض ما يقوله الى بؤرة توترات لا تسمح له الا بان يكون
في حالة عدم توازن وافتقار للقدرة على استخدام منطق هادئ ! هذا في افضل الحالات اما في اسوأها فان الحالة
تصبح نوعا من البارانويا المرضية التي تجعله يستعيض عن الواقع بما يتخيله فلا
يصدقه احد .
والاخطر ان الخلط بين هذا
النمط من مرضى الهواجس البارانوية وبين من يناضلون ضد مؤامرة تطبق فعلا يؤدي الى
التشكيك بالمناضل وبقدراته العقلية والنفسية ، فتستمر المؤامرة الفعلية لان من
يكشفها يصور على انه مريض نفسيا ، وتتواصل خطواتها تكمل اللاحقة سابقاتها لتنفيذ
مؤامرة هي الاكبر والاخطر على الامة العربية وكانت خطوتها الحاسمة في عام 1991 بشن
الحرب على العراق وبدأ عملية تدحرج كرة الثلج العربية من القمة !
هل تعرفون لم يحفظ انصار
الغزو واتباع امريكا على ظهر قلب كلمات
التسخيف والتسقيط المعدة لهم سلفا بالسخرية ممن يتحدث عن وجود مؤامرة
ويكشفها باتهامهم بانه مريض بداء نظرية المؤامرة ؟ هؤلاء ادخلوا دورات علمتهم ولقنتهم كيفية مجادلة مناهضي الغزو والرافضين
لامريكا وفي مقدمة التلقينات الحط من شأن كاشفي الخطط التدميرية ومسلطي الاضواء عليها باتهامهم
بانهم يروجون لنظرية المؤامرة السخيفة وانه لا توجد مؤامرة وانما هم مرضى يتخيلون
وجودها ويحاولون التغطية على اخطاء العرب ونظمهم ونخبهم بالقاء التبعة على عدو
خارجي مفترض !
وقبل ان تبدأ الخطوات
الاخطر في مؤامرات القرنين الاخيرين نشرت في عام ١٩٩٤ مقالة بعنوان (التفكير بالمؤامرة
في الشرق الأوسط) كتبها مارك زونيس وكريج جوزيف
في المجلة الأكاديمية الشهيرة (بوليتكال سيكولوجي) اكدا فيها ( أن نظرية المؤامرة هي
جزء من أعراض مرض جنون الارتياب (البارانويا) وأن المجتمعات في الشرق الأوسط أكثر عرضة
للإيمان بنظرية المؤامرة واستخدامها كآلية تفسيرية للأحداث كون بعض الأعراض النفسية
قد تنسحب من الحالة الفردية للأشخاص إلى حالة عامة تصيب المجتمع بسبب التنشئة أو بسبب
ترسخ أنماط معينة من التفكير على مستوى واسع بين الجماعات،) ! بهذه الفقرة يريد
الجهاز الثقافي والاعلامي الامريكي اقناع العالم بان العرب مرضى بجنون الارتياب
وانهم يتخيلون وجود مؤامرات عليهم مع ان الاحداث الواقعية منذ المؤتمر الصهيوني
الاول تثبت وجود مؤامرة متسلسلة الحلقات .
والحط من شأن العرب
باتهامهم بانهم مصابون بجنون الارتياب لانهم
يتحدثون عن وجود مؤامرة ضدهم تنفذ فعلا يتم عن طريق اتهامهم بانهم يروجون لنظرية
المؤامرة فتقل قيمة التحذير والتوعية ويصبح
العرب عبارة عن مرضى يحتاحون للعلاج وليس لتوقف العدو الخارجي عن تدمير وطنهم
العربي ! فحينما يقتنع المشاهد او السامع خصوصا في الغرب الذي اشبع عمدا بافكار
نظرية المؤامرة وتطبيقاتها في الافلام فاصبح يرفض اي حديث عن مؤامرة لسخافة نظرية
المؤامرة فان ضحايا المؤامرة الفعلية يزجون رغما عنهم ضمن فئة المرضى فتهمل قضيتهم
ولا يجدون مناصرا لهم ! وتتجلى خطورة الامر في انسياق العديد من الشباب العرب مع هذا التيار المغسول
الدماغ الذي يسخف اي حديث عن وجود مؤامرة ! فهل يوجد تأمر اخطر من تنفيذ مؤامرات
وليس مؤامرة واحدة فقط ونجاحها وتقدمها ومع ذلك نجد بيننا من يسخر ممن كشف
المؤامرة ونبه لوجودها وخطورتها ؟
يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق