وجهات نظر
علي السوداني
هذا منظر ظلّ يتناسل منذ أزيد من 20 سنة. البارحة ببغداد العباسية، وغداً بدمشق الأموية. الأشكال الزفرة تكاد تتشابه، والكذبات وصلت حدّ التطابق. رايس مثل صرصار مجاري شرّير، ووجه جون كيري مثل جمجمة مستعارة من فلم رعب.
في المنظر السوري حتى الآن، لا أحد يدري على شكل يقين، من هي البوابة المجرمة التي أمطرت رذاذ الكيمياوي على غوطة دمشق، والتقاذف ما زال قائماً بين بشار ومعارضيه، مع استبعاد تام تواطأت حوله كل النقائض، لإحتمال تورط طرف ثالث في مصيبة الغوطة الشهيدة.
جاء الأمريكان بأوباما الأسود، وهم لم يتخلصوا بعد من عقدة السواد، وذلك في محاولة ذكية وعملية، لتنظيف وجه أمريكا الذي تشوّه وتوسخ، بسبب كدمات وفضلات الإبن الشاذ جورج دبليو بوش. في خطاب الضربة الجديدة، ظهر أوباما قرداً منفّراً مخلصاً لمدرسة الكذب والقبح والغطرسة الأمريكية، وأعلن انه وبحكم مسئوليته وصلاحيته كرئيس أعظم دولة في العالم، قرر ضرب سوريا، دون انتظار آراء مجلس الأمن والمفتشين والأمم المتحدة وكذلك الكونغرس.
خطاب كاذب وتافه وحقير، يشبه تماماً خطاب الشاذ بوش قبل أن يجهز على بغداد ويدمرها.
أوباما الكذاب الصغير، يحسّ بغصّة عظمى، لحظات الحديث عن كيمياوي غوطة دمشق، لكنه كما بدا من صفرة وجهه، وتآكل حنكه في هذا الجزء من التمثيل، بدا وكأنه ينوء تحت ثقل جبل من الخزي والعار الأمريكي في هذا الباب المبوّب. بلاد أوباما هي أول من استعمل السلاح الذري على الأرض، في موضعي هيروشيما وناكازاكي، وأيضاً النابالم والغازات السامة والعناقيد في فيتنام، وصولاً الى جريمة العصر المسكوت عنها حتى الآن، وهي رشّ نصف أرض العراق، جنوبها وغربها، باليورانيوم المنضّب، حتى واقعة الفسفور الأبيض على خواصر الفلوجة ومقترباتها. في المشهد البائد الخاص ببلاد ما بين القهرين، كان ثمة ولد لا يعرف أباه، اسمه توني بلير، وقد انشتل مثل ذيل كلب مطيع بمؤخرة بوش، أما في مشهد اليوم، فإنّ سوء حظّ المنحوس المنكود كاميرون، لم يمنحه فرصة أن يكون ذيلاً ممتناً نابتاً بمؤخرة الرئيس أوباما، وربما ستجري عملية تبديل صغيرة، ويكون هذه المرة، رئيس فرنسا الغبي، هو من يقوم بدور الذيل. ثمة ناس شاميّون، ينطرون البرابرة الأمريكان بصبر قليل، كما نطرهم من قبل، ناس عراقيون، وعصرية حطّ الهمج الحرامية الأمريكان ببغداد، أخذوا النفط، وأعطونا دولة فاشلة مريضة مفككة مخجلة، هي واحدة من أفسد الدول فوق أرض الله. ثمة عربان عاربة تنطر أيضاً قدوم الحرامية الأمريكان الى الشام، وهؤلاء– يا للهول ويا للعجب ويا للجحيم– واقعون تحت حمل ثنائية موجعة هي خرافة "سنّة وشيعة".
أما ختمة المكتوب، فهي فتوانا التي اجتهدنا بها قبل خمسة أيام، فخذوها على أيّ محملٍ ترون وتعتقدون :
وهذه – أيها الأحبة الخلّص – فتوانا المجتهدة الواقعة في الجمعة المبروكة، أن افتحوا صفحاتكم على غابة الفيس بوك العملاقة، فمن رأى منكم الوحوش الأمريكان، الذين إذا دخلوا بلاداً أفسدوها – شوفوا بلاد ما بين القهرين واعتبروا – وهم يعدّون العدد والعدة والشواذ، لهرس جسد الشام الجميلة الطاهرة – ليس لتكسير عظام النظام أبداً – فليحمها بيده، فإن لم يقدر، فبلسانه، فإن لم يستطع، فبقلبه، وهذه أخير عتبة من عتبات الإيمان الصحيح.
ألهمج الأمريكان الكذابون الحرامية، وذيولهم الأفرنجة والعربان، يسوّرون الليلة، الشام العزيزة والياسمين، ويتشممونها مثل ذئاب دائحة، فإن خفتت نارها وترمّدت، انقضوا عليها ونهشوها نهشة أخيتها بغداد، دار الحنان الضائعة.
ثمة ملك يمنع النساء من سَوق سيارة، ويلفلفهن ويحظر عليهنّ باب الإنتخاب والترشح والمشي مستوحدات واحدات – حتى لو كان شكلاً ممسرحاً برداءة – ويفتي مُفتوهُ ومفوّهوهُ بحرمة التظاهر، بذريعة جرم الخروج وعصيان وليّ الأمر، لكنه اليوم يجاهد وينبحّ صوته من أجل نشر الحرية في سوريّة. ثمة أمير جعل من أرض بلاده، حاملة طائرات وصواريخ عملاقة، استعملها الوحوش الشواذ الأمريكان، فانكسر ظهر العراق ورقبته ورجله، وهو اليوم يجاهد مثل مليكه، لطبعة ديمقراطية منقحة ومزيّدة في الشام.
شجاها الناس، فتخبّلت وتجنّنت وتشيطنت وتضلّلت، وصار هواها أضيق من ثقب المذهب حتى؟؟؟؟؟
شجاكم أيها الأجاويد، فإنكفأتم صوب مدافن تراكمت فوقها ألف وأربعمائة سنة وسنة؟؟؟؟؟
عودوا إلى العقل، فهو الستر والساتر...
عودوا إلى القلب والصدر، واغسلوه من كلِّ درنٍ رجيم...
أرى إليكم اللحظة أطهاراً من ثقل الفكرة، فوالله ما انتم بعصبة شيعويّين ولا بعصبة سنّويين، إنما ظلّلتكم ضلالة بائتة، وصيّرتكم عمياناً إلى حتفكم تركضون...
اللهمّ أعنّا وطهّرنا، كما حرّرتَ وطهّرتَ آباءنا من قبل، وأبعدتَ عنهم الرجس، فصاروا للأرض كلها، رحمة ونعمة وعلْماً جارياً من دون منّة، إلى يوم الدين، إنك أنت الجبار القادر العظيم المستعان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق