موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الأربعاء، 2 أبريل 2014

العراق تحت حكم "التوابين"!

عصابات التوابين من فيلق بدر تجري تدريباتها في إيران
استعداداً للهجوم على العراق
وجهات نظر

مثنى عبدالله
"التوابون" في اللغة هم الذين فعلوا فاساءوا، وبعد ان اعترفوا وندموا عزموا على عدم العودة الى فعل الخطيئة. اما ‘التوابون’ كمصطلح سياسي فقد ظهر اثناء الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن المنصرم، ولم يكن احد من العراقيين يعرف معناه او مغزاه السياسي. انه من اختراع جهاز المخابرات الايرانية (اطلاعات) التي قامت بانشاء شبكة واسعة من الورش الفكرية، التي تركز عملها على بلورة آليات ووسائل للتأثير النفسي على الاسرى العراقيين انذاك.

وقد انحصر اهتمامها في سبل تحريض الاسرى على التشكيك في تاريخ بلادهم، والسخرية من مثلهم العليا والشخصيات الدينية والتاريخية وقادتهم السياسيين والعسكريين، من خلال تسليط حزمة واسعة من المعلومات المضللة والمزورة التي يرافقها التهديد بالرعب وقسوة التعذيب، لخلق واقع جديد في نفوسهم يهوي بهم الى تسليم مقاليد وعيهم الى الجهات الملقنة، او الشخص القائم بعملية التلقين، الى الحد الذي يفقد الاسير حتى الرغبة في التواصل مع اهله عبر رسائل الصليب الاحمر، خاصة عندما يجري اجباره على الزواج من فتاة ايرانية والانجاب منها وتكوين عائلة
كانت عمليات غسيل الادمغة للاسرى العراقيين قائمة على اساس ان الدفاع عن العراق جريمة، وان دولة ام القرىايرانهي الاولى بالدفاع عنها باعتبارها الاطار الاسلامي الاوسع من الهويات الاخرى والانتماءات القطرية، لذلك تم تشكيل ألوية عسكرية من هؤلاء كانت تقاتل بشراسة ضد الجيش العراقي، الذي هو جيش بلدهم. وعندما حدث الغزو دخلت هذه الالوية عبر الحدود الى العراق، وكانت تؤمن ظهير القوات الغازية الصاعدة الى بغداد، وتبسط سيطرتها على كل القرى والمدن والمحافظات، من البصرة الى حدود بغداد الجنوبية مع محافظة واسط. وعندما اصبح الاحتلال واقعا وبدأت عملية التأسيس لحكم جديد، احتل ‘التوابون’ غالبية المؤسسات المهمة وتسنموا المناصب الاولى فيها، كي تبدأ عملية جديدة هدفها تتويب الشعب العراقي باجمعه من شماله حتى جنوبه ومن شرقه حتى غربه، باموال الدولة العراقية وبسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، لذلك لم يكن غريبا ان تُشرع قوانين وتُسن قرارات تُقصي الملايين من شعبنا، وتُشن حملة تطهير واسعة بالكاتم وغيره كي يتم القضاء على كل من لا يصلح لاعلان التوبة، حتى اعضاء البرلمان الذين وصلوا اليه عبر المحاصصة الطائفية لم تشفع لهم بالاستثناء من اعلان التوبة. أتذكرون كيف وقف اثنان من ابرز زعماء القائمة العراقية امام التوابين تحت قبة البرلمان العراقي فاعلنوا ندمهم وتوبتهم، كي ترفع عنهم قرارات الاجتثاث ليمارسوا عملهم نوابا في البرلمان في بداية الدورة الحالية؟ واذا كان البرلمان بمحدودية اعضائه لازال حتى اللحظة تخضع ترشيحاته لسلطة التوابين، فما قولكم بالمئات من المنظمات الواجهية للتوابين التي تمارس عملها تحت تسمية منظمات انسانية وثقافية ودينية وحقوقية وتربوية واجتماعية؟ انهم يمارسون الى جانب التتويب عملية منظمة هدفها اقتلاع العراقيين من جذورهم، كي تسهل عملية قيادتهم ثم وضعهم دواليب في ماكنة اقليمية تسير على طريق الحرير الطائفي، الرابط بين طهران والضاحية الجنوبية لبيروت. انظروا الى حرب الانبار المستعرة منذ ثلاثة اشهر وتمعّنوا في اسبابها ونتائجها حتى اللحظة، هل تجدون فيها اي مصلحة وطنية تجعلنا نقبل التبريرات الحكومية التي بها شنوا الحرب؟ اي مصلحة وطنية يمكن ان تتحقق تحت قصف الطائرات والمدفعية وراجمات الصواريخ؟ اي هدف انساني شُنت به هذه الحرب وقد تجاوز عدد المُهجرين ثلاثة ارباع المليون مواطن؟ لماذا استعيض عن تقديم الخدمات والبناء والاعمار وتشغيل العاطلين، بصرف ملايين الدولارات يوميا على الآلة الحربية كي تهدم وتدمر كل البنى التحتية التي كانت قائمة ما قبل الغزو؟ أليس كل هذا الفعل يخدم استراتيجية التوابين الذين يسعون الى ان تعلن الانبار توبتها؟ ولكن عن اي ذنب يُطلب من الانبار اعلان التوبة والندم؟ ان العودة الى قراءة التاريخ القريب لهذه المحافظة الباسلة، خاصة خلال فترة الغزو والاحتلال، وتصدي اهلها البطولي لجحافل الغرباء المرتزقة، كان هو الذنب الاكبر الذي اقترفته في حسابات التوابين، فلولا هذه الجحافل لما وصلوا الى سدة السلطة في العراق. لقد راهنوا بالامس على التوابين الذين اعلنوا توبتهم من مقاومة الاحتلال، الذين انشأهم المحتل تحت تسمية الصحوات، لكنهم تخلوا عنهم بعد ان اكتشفوا بانهم توابو المحتل وليسوا توابيهم، وان المجتمع في الانبار قد لفضهم بعد خيانتهم حتى باتوا رهائن المَحبِسين، مَحبِس الخيانة ومَحبِس الخوف من القصاص. صحيح انهم عادوا اليهم اليوم مرة اخرى وصرفوا لهم الملايين من الدولارات، لكن ذلك لاهداف مرحلية لا ترقى الى اعتبارهم من التوابين، لذلك ارسلوا جيشهم كي يقتل الشيوخ والاطفال ويحاصر المدن والقرى ويجوّع الناس الابرياء، بينما لا زالوا في كل مناسبة يُصرّحون بان الحرب العراقية الايرانية كانت جريمة كبرى ارتكبها الجيش العراقي. اذن لماذا المعركة في الانبار معركة عز وشرف، بينما المعارك في الحرب العراقية الايرانية عار يوجب التوبة والندم؟ لانهم وضعوا انفسهم والايرانيين في صف اتباع الحسين، وكل ما عداهم فهم من اتباع يزيد. أليس هذا هو وصفهم لكل من يظهر عوراتهم وفشلهم وسرقاتهم وتخبطهم في السياسة والاقتصاد والتربية والتعليم والصحة والاعمار؟ 
لقد حاولوا ان يجعلوا من الميدان الاداة الفعالة للضغط كي يجبروا الاخرين على اعلان التوبة والندم والخضوع والخنوع لهم، خدمة للمشروع السياسي الطائفي المطروح، ولذلك اقحموا الجيش لاذكاء الشارع كي تبقى النار مشتعلة فيه، ثم تستغل هذه الحالة ذريعة لمزيد من العنف بحجة مكافحة الارهاب، لذلك امتدت ايديهم الى محافظات اخرى ومناطق كانت حتى وقت قريب هادئة. لقد دخلوا في الاسبوع المنصرم الى قضائي بهرز وقره تبه، في وضح النهار، بارتال من السيارات المدنية مع القطعات العسكرية، ثم احرقوا المساجد ودور المواطنين والسيارات الخاصة وقتلوا كل من صادف وجوده في الطرقات ساعة دخولهم. لقد باتت السياسة الحالية قائمة على اساس ان لم يستطع الجيش حسم الموقف فليدخل التوابون لحسمه، في ظل صمت رهيب من كل اولائك الذين يُعتبرون نوابا عن هذه المناطق. لقد صمت نواب الانـــــبار وديالى وكركوك والموصل وصلاح الدين، وكأن كل هذه المجازر في بلد اخر غير العراق، والسبب في ذلك هو ان كل من يرفــــع صوته سيتم منعه من الترشح للانتخابات بسلطة التوابين، ولان المصلحة الخاصة تتقدم على المصلحة العامة فقد صمت كل هؤلاء.


ملاحظة:
نشر المقال هنا.

ليست هناك تعليقات:

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..