موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الخميس، 3 أبريل 2014

في الذكرى الحادية عشرة لاحتلال العراق: متى سيحاسب المتسببون به؟ ومن سيفعل ذلك؟

وجهات نظر
سعد ناجي جواد 
في مثل هذه الأيام تحل الذكرى الحادية عشر على بداية الحرب الأمريكية-البريطانية-الأوربية على العراق التي انتهت باحتلاله بالكامل في نيسان 2003. ويشكل هذا العدوان غير الشرعي ذكرى مؤلمة على قلوب محبي العراق وابنائه الشرفاء.

وفي هذه السطور لا أريد أن أعود الى مناقشة الأسباب الكاذبة التي أستخدمت لتبرير الحرب والاحتلال. ولا ما آلت اليه الأمور من قتل وتدمير وفساد ليس له نظير، ويكفي أن أشير كل من لايزال يشكك بالأثار الكارثية لتلك الحرب الى تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش لهذا العام كي يعرف ماحل بالعراق بعد كارثة الاحتلال.
ولكني سأتطرق الى أمور أخرى ربما يكون من المفيد التذكير بها. أولا لابد من التذكير أن الحرب والاحتلال قد مهِّد لهما بحملات أعلامية كبيرة شاركت فيها كل وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والصحف الأمريكية والغربية وبدون استثناء، وشمل الأمر الصحف اللبرالية والتي تتبجح بأنها لا تلتزم بسياسة دولها. ومع ذلك فإن كل هذه الجهات والأقلام انصرفت الى امور أخرى ولم يتم محاسبة أي منها على ما اقترفته من جريمة بحق العراق وشعبه.  الأكثر من ذلك أن الرأي العام سواءً في الولايات المتحدة او بريطانيا او أوربا تم إهماله ولم تؤخذ احتجاجاته الهادرة الرافضة للحرب بعين الاعتبار، وتم المضي في العدوان دون أي اعتبار أخلاقي أو سياسي.
في العراق ايضا، وفي مثل هذه الأيام قبل 11 عاما كان الناس في ترقب لما سيحدث. ومن المؤسف القول أن البعض كان يترقب ذلك فرحاً متصورا أن ما سيحدث سيجلب الديمقراطية والرفاهية واحترام حقوق الانسان. وفي النقاشات التي سبقت الحرب كنت أحاول عبثا مع من يفكر بهذه الطريقة من بعض الزملاء أن أبيِّن لهم خطأ هذا الظن، وأذكرهم بأن كره حزب البعث وسياسته يجب أن لايدفعهم لقبول عدوان خارجي وحرب مدمرة واحتلال أجنبي. وكان البعض يتهمني بأني أتحدث بعاطفية بعيدة عن العقلانية. ولم أكن اعتقد، ولا أزال، كيف يمكن لأي عاقل أن يتصور أن الولايات المتحدة وبريطانيا كانا يضمران خيرا  للعراق أو للعراقيين او للعرب بصورة عامة. وربما نسى او تناسى القابلون بالتهديدات الأمريكية البريطانية أن البلدين لم يكونا يحملان سوى الشر تجاه العراق.
أنا أعترف بأن حبي للعراق ولعروبتي لايمكن أن يضاهيهما أي حب. وأن موقفي الرافض لمخططات الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما لم يكن مبنيا على موقف وطني وعاطفي فقط. ولكن العقل والشواهد التي كنت أستعرضها في ذاكرتي كانت كافية لكي ترشدني الى مثل هذا الموقف. فلا يمكن أن أنسى ما فعله الحلفاء بالعراق أثناء وبعد حرب تحرير الكويت. ويكفي أن أتذكر أن قوات التحالف دفنت بالجرافات أكثر من 80 ألف جندي عراقي في خنادقهم الترابية، هذه الجريمة التي كشفت بصورة جلية بعد نهاية حرب 1991. ولايمكن أن أنسى قتل النساء والأطفال في ملجأ العامرية في نفس الحرب والذي لم يكن يضم سوى من لجأ اليه من المدنيين العزَّل، كما لايمكن أن أنسى حجم الدمار الهائل الذي تسببت به الغارات الجوية بمعالم العراق وجسوره وبنيته التحتية. ولايمكن أن أطرد من ذاكرتي ليلة قبول الأطراف المختلفة بقرار وقف إطلاق النار كيف عشنا نحن ابناء بغداد ليلة ليلاء مرعبة، حيث بدأ القصف المتواصل منذ غروب الشمس وحتى فجر اليوم التالي الذي تقرر فيه أن يبدأ وقف إطلاق النار، وشمل مواقع قصفت من قبل ومواقع لا علاقة لها بالأهداف العسكرية بمئات الغارات من الطائرات الأمريكية وطائرات التحالف، ومنها طائرات عربية ومع الأسف، لا لهدف سوى إلحاق الدمار بالعراق وقتل أكبر عدد ممكن من الأبرياء بغرض إرعاب السكان.  
وفوق كل ذلك لايمكن أن أتجاهل قرارت الحصار المدمرة والتي أستمرت حوالي 13 سنة وبدون أي مبرر إنساني او أخلاقي.
إن من يتتبع محاضر جلسات اللجنة الدولية المكلفة بمراقبة الحصار يجد، وبصورة لا تقبل اللبس، كيف أن أعضاء هذه اللجنة، وخاصة العضوان الأمريكي والبريطاني فيها كانا يتصرفان بطريقة مستخفة بحياة العراقيين المحاصرين ومصائرهم ويزيدون من عذاباتهم اليومية ويتفنون في منع وصول الأغذية والأدوية لهم.
ولا أعتقد أن احدا يمكن أن ينسى كيف أن هذه اللجنة منعت وصول أقلام الرصاص لأطفال العراق وادوية القلب وضغط الدم العالي بدعوى أن فيها مواد يمكن أن تسهم في إنتاج أسلحة الدمار الشامل!!!
ويكفي أن اذكر أن هذا الحصار حصد أرواح أكثر من مليون وثمانمائة الف نفس، كان بينها اكثر من نصف مليون طفل. هذا العدد الهائل من العراقيين الذي قالت عنه وزيرة خارجية الولايات المتحدة سيئة الصيت مادلين اولبرايت، بأنه ثمن يستحقه هدف الإطاحة بالنظام العراقي!!! علما بأن نفس الوزيرة، والتي كان أقطاب من أطلقوا على أنفسهم اسم (المعارضة) يلهثون لنيل رضاها، والتي تكتب الآن عن (مأساة حقوق الإنسان في سورية)، صرحت في برنامج تلفزيوني آخر، وعندما سئلت عن سبب استمرار الحصار على الرغم من ان العراق أصبح خال من أسلحة الدمار الشامل ومن القدرة على إنتاجها اجابت وبكل برودة دم (نعم هذا صحيح ولكن العقول ماتزال موجودة هناك)، الأمر الذي يفسر تصفية أكثر من 500 عالم عراقي بعد الاحتلال وهي عملية مستمرة ليومنا هذا.
كما وصل الأمر بأحد أقطاب هذه المعارضة أن يصر في تقرير تلفزيوني على أن قصف ملجأ العامرية كان عملا عسكريا مبررا لأن النظام كان يخفي فيه ترسانة أسلحة، علما بأن قائد القوات الجوية الأمريكية في حرب 1991 وفي نفس البرنامج أكد أن قصف الملجأ كان خطأ عسكريا كبيرا أودى بحياة الكثير من الأبرياء.
ولايمكن أن أنسى أن القادة السياسين الأمريكان قبل عام 2003 والذين كانوا من المحرضين على العراق كانوا من أشد حلفاء الصهيونية ومستعدون لفعل أي شيء لحماية الكيان الصهيوني، مثل بوش وتشيني وبيرل وولفوتز ودوني وأنديك. حتى أن الأخير اتهم في عام 2000 صراحة من قبل وكالة الأمن الفيدرالي الأمريكي، الأف بي آي، بأنه تجسس لصالح سرائيل) عن طريق تسريب وثائق سرية لها. ومع ذلك ظل بعض أقطاب المعارضة في الخارج يصرون على أن أنديك هو (افضل من يفهم معاناة العراقيين وانه مخلص في نواياه تجاه العراق).
وكل هذا لا يمكن قياسه بالكمية الهائلة من أسلحة الدمار التي أستخدمت في العراق وضده مثل اليورانيوم المنضب والقنابل الفوسفورية وغيرها من الأسلحة الفتاكة التي لايزال أثرها يلوث البيئة العراقية ويفتك بأبنائها، والغارات المتقطعة المدمرة التي استهدفت العراق مابين 1991 و2003 والتي كانت تحصد أرواح الأبرياء في الغالب.  
وبعد كل هذا كيف يمكن لعاقل، حتى وإن لم يكن وطنيا او محبا للعراق، أن يتصور ان ما كانت تضمره الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما فيه خير للعراق ويهدف الى إحلال الديمقراطية والرفاهية وإحترام حقوق الأنسان؟!
وفي الحقيقة فان احترام الإنسان العراقي وحقوقه قد تجلى بأبهى صوره في فضائح سجن أبو غريب والقتل اليومي الذي ظلَّ العراقيون يعيشون في ظله حتى اليوم!
لقد قدَّرت مجلة لانسيت الطبية البريطانية المحترمة والرصينة في عام 2007 أن عدد قتلى العراقيين وصل الى 700 ألف ضحية، في حين ان تقرير منظمة الترنت الأمريكية اكد في عام 2009  ان عدد القتلى وصل الى مليون شخص، وبالتأكيد فأنه تجاوز هذا العدد الآن بكثير!
ومع كل ذلك فإن الإعلام الأمريكي والغربي والذي همش القضية العراقية بعد الإحتلال لا يتطرق الى العراق اليوم إلا بما ندر. ولا أدري أين ذهب الإعلاميون وأصحاب الأقلام التي روجت للعدوان وللإحتلال وللأكاذيب التي بررت قيامه؟ وكيف تم السكوت عليهم؟ وكيف ان منظمات حقوق الانسان في الدول الأوربية لم تطالب بإحالتهم الى القضاء لكذبهم وتزويرهم؟ علما أن عددا غير قليل من هذه الأجهزة الإعلامية والأقلام يمارس اليوم نفس الدور مع ما يحدث الآن في سوريا ولبنان والقضية الفلسطينية، ومارسه قبل ذلك مع ليبيا!
وفي هذه المناسبة لابد من التطرق الى الدور السيء الذي لعبه بعض من حملوا الجنسية العراقية، وللأسف الشديد، في تحريض الولايات المتحدة وبريطانيا والغرب على العراق، ولو ان هذه الدول لم تكن بحاجة الى هذا التحريض لأن خططها كانت جاهزة. ولكن ما يدمي القلب هو كيف أفلت هؤلاء المحسوبون على العراق بهوياتهم بعد أن ظهر زيف كذبهم! فمن (العالم النووي) الكاذب، الى مدعي امتلاك العراق لمختبرات بايولوجية متنقلة الى غيرهم الذين تسببوا بقتل مئات الآف من العراقيين الأبرياء من أجل أن يحصلوا على إقامة او جنسية الدول التي لجأوا اليها. ولا أولئك المقيمين في الخارج الذين ابتهجوا بالعدوان على العراق بحرق سفارات بلدهم في الدول الأوربية لكي يعودوا ويتبوأوا مناصب رفيعة فيه. أو أؤلئك الذين كان أهم أهداف (نضالهم في الخارج) هو إدامة الحصار القاتل على أبناء جلدتهم ومهاجمة كل من يطالب برفعه او تخفيفه. أما أن الغالبية العظمى منهم قد غيرت طريقة حديثها الآن وبدأت تتحدث عن إحتلال بعد أن كانت تنعته بالتحرير، وتنتقد دول التحالف بتدميرها للعراق، فإن ذلك لن يخفى على الكثير من العراقيين الذين يعلمون جيدا بأن هذا التغيير في المواقف جاء بعد أن أفلسوا من التمتع بالمناصب التي كانوا يحلمون بها بدعم أمريكي وأن رصيدهم الشعبي هو لاشيء، وبالتالي فأنهم يحلمون بأن تنخدع الناس بهم وتنتخبهم.
لقد آن الآوان لكي تتبنى جهة عراقية او عربية أو دولية منصفة عملية إحالة كل من تسبب بالكارثة العراقية من صحفيين وإعلاميين ورموز للمعارضة السابقة وملفقين للأكاذيب الى القضاء نتيجة كذبهم وتزييفهم كي ينالوا جزائهم العادل.
كنت أتمنى أن أقول أن على الحكومة العراقية أن تفعل ذلك ولكن كيف لحكومة أتت مع الاحتلال وحصلت على ما حصلت عليه بمباركته أن تقوم بهذه العملية الكبيرة.
بالتأكيد إن القصاص من المتسببين، إن حدث، لن يعوِّض العراقيين عن ما أصابهم ولن يعيد الحياة الى أكثر من مليون ضحية ذهبت نتيجة لهذا العدوان الهمجي وتبعاته ولن يعوِّض ملايين الأرامل واليتامى والمهجرين الذين نتجوا عنه، ولكنه يمكن أن يجعل من أجرم عبرة لمن يحاول أن يفعل نفس الشيء الآن وفي المستقبل.

ملاحظة:
نشر المقال هنا.

هناك 5 تعليقات:

Unknown يقول...

كيف ننسى وقد اخذو عمرنا بحصار ظالم فمنا من مات كمدا على بلده ومجتمعه ومنا من ينتظر وقد ملئ الشيب راسه والمرض جسده ٠ربي ينتقم منهم ومن عوائلهم ومن ابنائهم واحفادهم دون استثناء كل من تسبب بدمار بلدنا ومجتمعنا

Lamar Ahmed يقول...

متى كانت امريكا قلبها على من تقتض عليه حجج واهية وبداية لحروب صليبية واضحة للعيان

ضمير الطائي يقول...

"أما أن الغالبية العظمى منهم قد غيرت طريقة حديثها الآن وبدأت تتحدث عن إحتلال بعد أن كانت تنعته بالتحرير، وتنتقد دول التحالف بتدميرها للعراق، فإن ذلك لن يخفى على الكثير من العراقيين الذين يعلمون جيدا بأن هذا التغيير في المواقف جاء بعد أن أفلسوا من التمتع بالمناصب التي كانوا يحلمون بها بدعم أمريكي وأن رصيدهم الشعبي هو لاشيء، وبالتالي فأنهم يحلمون بأن تنخدع الناس بهم وتنتخبهم."

متى يعي المعنيون هذه الحقيقة ، ويتخلوا عن ما يخدعون به انفسهم من ان هؤلاء ساسة الإحتلال قد تابوا وتغيروا ، ويخدعون بسطاء الناس بها؟

من يصدقون بهم هم أما مغفلون ، أغبياء ، أو أنتهازيون نفعيون ، وفي كلا الحالتين هؤلاء لايستحقون ان يكون لهم اية واجهة وطنية سياسية وقيادية للعراق بعد التحرير

عدنان الأحمدي يقول...

أولاً أحييك وثانياً أهنئك على ماكتبت وأقول في الثالثة لا فُضَ فوك.وفي الرابعة أقول لا تقلق على مصير الخونة الذين ساهمو أ في احتلال العراق وغزوه وتدميره . لاتقلق فهم معروفون ومكشوفون ومسجلون بالوثائق الصورية والفلمية والصوتيه..وحين يأتي يوم الحساب سيكون كل شيء جاهزاً للأدانه ..والخامسة ملاحقة مجرمي الحرب والأبادة والتدمير للعراق وشعبه أمرٌ لا شك فيه وذلك لأن مثل هذه الجرائم يسجلها التاريخ وذاكرة وضمير الشعوب والبشرية اليقظ.. فلن تُنسى هذه الجريمة الكبرى وستظل توخز ضمير الأنسان إلى الأبد كما ظلت جريمة غزو فلسطين واحتلالها وابادة شعبها وتشريده واحلال غرباء لقطاء عنصريين مجرمين لصوص محلهم .. لاتقلق يا سعد ..

Khaleel Al Jubouri يقول...

حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من تسبب في دمارك يا عراق ...

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..