جاسم الشمري
الإعلام المحلي والعربي والعالمي يُركز- في غالبه- على التفجيرات اليومية في العراق، والتي صارت تتجاوز أعدادها العشرات في بعض الأيام، ورغم الخراب المادي والمعنوي في البلاد فإن الإعلام يتجاهل– مع الأسف الشديد- عمليات الخطف والاغتيالات، التي تربك حياة الناس وتزهق أرواحهم!
آخر حوادث الاختطاف شهدتها محافظة ديالى، (45 كم شمال شرق بغداد)، حيث تم اختطاف سبع طالبات من المدارس الابتدائية خلال الأسبوع الماضي، وقال شهود عيان من منطقة (حي صدام) إن الحي شهد اختطاف ثلاث فتيات، تتراوح أعمارهن بين (8- 11)عاماً الأربعاء الماضي، وهن في طريقهن للمدرسة، اثنتان منهن شقيقتان، وإن حادثة اختطاف أخرى لثلاثة طالبات في مدارس ابتدائية بمنطقة التحرير تمت من قبل (مجهولين) في وضح النهار، فيما شهدت منطقة بهرز قبل أسبوعين اختطاف طفلة لا يتجاوز عمرها (13) عاماً في النهار دون معرفة الجناة!
وفي يوم 26/5/2013، أفاد مصدر في وزارة الداخلية " العراقية"، بأن (مسلحين مجهولين اختطفوا ثلاثة مدنيين داخل مرآب باب المعظم وسط بغداد، وأن "المسلحين اقتادوا المختطفين إلى مكان مجهول).
وفي يوم 18/5/2013، أكد مصدر في شرطة محافظة صلاح الدين الشمالية، أن "مسلحين مجهولين خطفا، مدنياً يدعى قحطان رجب، وابنه، عندما كانا في مزرعتهما الخاصة في منطقة الجلام جنوب شرق قضاء الدور، واقتادوهما إلى جهة مجهولة)".
أما في ملف الاغتيالات المرعب فقد أُضيفت يوم 15/5/2013، جريمة جديدة لسجل الجرائم الإرهابية، فقد تم العثور على ست جثث لمغدورين من أبناء العكيدات في قرية (المستنطق) التابعة لناحية (حمام العليل) جنوب مدينة الموصل، وأكد شاهد عيان لأكثر من وسيلة إعلام أن الجثث الستة، التي تعود لرجال تتراوح أعمارهم بين الأربعين والخمسين عاماً، وجدت مرمية على قارعة الطريق السريع الذي يربط محافظة نينوى بالعاصمة بغداد، وكانت مقيدة الأيدي ومعصوبة الأعين وتحمل آثار اطلاقات نارية في أنحاء مختلفة من الجسم.
التصفية الجسدية لهؤلاء المغدورين تمت بعد أيام من اعتقالهم على يد مسلحين يرتدون زياً عسكرياً، ويستقلون سيارات حكومية!
وهكذا تستمر عمليات الاختطاف التي تنظمها المليشيات المدعومة من قبل الحكومة، وبعد الاختطاف بساعات يعثر الأهالي على المختطفين، وهم جثث هامدة ملقاة على قارعة الطريق؟!
عبث المليشيات الرسمية وغير الرسمية بأرواح المدنيين العزل، جريمة لم يعرفها التأريخ العراقي الحديث، والمتابع للشأن العراقي يجد أن حكومة المنطقة الخضراء تغض الطرف عن الجرائم التي تطال المدنيين العزل، رغم ازدياد تواجدها وبصورة علنية في الشوارع العراقية؟!
ولتأكيد كلامنا بأن المليشيات متواجدة في الشارع العراقي، نستشهد هنا بتصريحات محافظ ديالى (عمر الحميري)، التي أطلقها يوم 29/5/2013، والتي وعد فيها بردع الميليشيات في أي بقعة داخل المحافظة، مؤكداً أن" جزءاً من أعمال العنف داخل ديالى يتمّ بأيد مليشيات تحاول خلط الأوراق، وإعادة سيناريو العنف الطائفي"!
استمرار عصابات البطاط وبدر والعصائب وغيرها في عملياتها الاجرامية بحق العراقيين، هو الذي سيقود العراق إلى المجهول الذي حذرت منه الأمم المتحدة، على لسان (مارتن كوبلر)، مبعوث أمينها العام إلى العراق، والذي حذر يوم 29/5/2013، من أن (العراق ينزلق نحو المجهول)، داعياً القادة السياسيين (للتحرك فوراً؛ لوقف المذابح التي تشهدها البلاد).
في ظل هذه الأجواء غير الصحية فإن الواجب الإنساني يُلزم جميع المنظمات الدولية، وكافة وسائل الإعلام لأخذ دورها، في التركيز على الملف العراقي، وإبراز الجرائم التي ترتكبها المليشيات المدعومة من حكومة المالكي، ومساعدة العراقيين للخروج من المأزق الحالي الذي يغلف حياتهم بالرعب والدمار!
هذه الجرائم البشعة، ينبغي أن تتوقف، وأن يُسلط عليها الضوء في الإعلام العربي والأجنبي؛ لأن العراقيين اليوم سئموا الحياة في ظل حالة الفلتان الأمني المستمرة!
هذه الحالة الشاذة لن تستمر، ولا بد من فعل يوقف هذا النزيف المستمر، وهذا الخلل الواضح في مسيرة الدولة العراقية؛ وإلا فإن بلاد الرافدين سائرة للمجهول الذي سيحرق حينها، لا قدر الله، الأخضر واليابس!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق