موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 6 يناير 2014

حرب شعبية مقابل حرب نوري الطائفية

وجهات نظر
عوني القلمجي
لم يعد بإمكان نوري المالكي التستر على نزوعه السلطوي، ولا على ميوله الدكتاتورية.
وفي الآونة الاخيرة، أصبح يرى نفسه الأعلى والأوحد الذي يحقُّ له حكم العراق مدى الحياة.

هذه الرؤية تحولت، على ما يبدو، الى قناعة ترسخت في عقله وامتزجت بدمه. وقد نجد تجلياتها واضحة جدا في قتاله المستميت لانتزاع رئاسة الوزارة من غريمه اياد علاوي الذي فاز عليه في الانتخابات البرلمانية السابقة. وبعد نجاحه استمات اكثر في قتاله امام المطالبة بسحب الثقة منه، رغم اكتمال العدد المطلوب من النواب في هذا الخصوص.
وحين شارفت نهاية ولايته الثانية والاخيرة، وازفت ساعة الرحيل، لعب بالبيضة والحجر من اجل توظيف القضاء "المستقل" لصالحه وانتزاع حكم منه بمنحه حق الترشيح لولاية ثالثة ورابعة وخامسة الخ..  وهذا يعني بلغة المالكي المتدنية، "اخذته وبعد ما انطيها".
الاستطراد هنا له وظيفة، فالمالكي الذي اتصفت شخصيته بهذه الاوصاف ورأى نفسه فوق الاخرين، وانه الاوحد الذي يحق له حكم العراق، لن يتوانى في استخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من اجل الفوز بولاية ثالثة، حتى اذا تطلب ذلك حرق العراق  واستباحة دماء اهله. ولو كانت شخصية المالكي عكس ذلك، اي شخصية سوية ومتزنة، لانسحب بهدوء واحتفظ بماء الوجه. بل كان عليه تقديم استقالته قبل استكمال ولايته، بسبب فشله الذريع في اداء مهمته او حتى جزء منها.
مع ذلك، فتمسك المالكي بمنصبه، او التنازل عنه لا يعني شيئا كثيرا للعراقيين، فالقادم لن يكون اقل سوءا منه ان لم يكن اكثر. لكن الذي يعني شيئا هو اعتماده على وسائل تؤدي الى مخاطر جسيمة. بمعنى اوضح، فان المالكي لجأ هذه المرة الى اشعال حرب طائفية كوسيلة للفوز بولاية ثالثة، وليس كما اعتمد في السابق على وسائل من قبيل شراء الذمم واغداق الاموال والتزوير والتهديد واستجداء مواقف المرجعيات الدينية والتعهد بتقديم مزيد من الخدمات للدول ذات التاثير بالقرار العراقي، وبالتحديد امريكا وملالي طهران.
وكان اكثر ما يؤلم في فعلة المالكي المشينة، هي المبررات التي ساقها وروج لها في خطابات وتصريحات علنية، والتي بموجبها شنت ميليشياته المسلحة هجومها على المنطقة الغربية عموما وعلى الرمادي والفلوجة خصوصا. هذه المبررات التي لا يمكن ان يقال عنها، سوى انها اسوأ انواع الكذب والدجل والتضليل. اضافة الى انها لا تمت بصلة الى تاريخ شعبنا الذي تعايشت خلاله جميع القوميات والاديان والمذاهب، حتى وصف هذا التعايش بلوحة من الموزاييك. ولا يغير من هذه الحقيقة نجاح اعداء العراق باثارة النعرات الطائفية في فترات معينة، فهذه سرعان ما يتم وادها كما حدث قبل عدة سنين بفعل المحتل الامريكي وتابعه الايراني.
دعونا نرى نموذجا من هذه المبررات لهذا المالكي.
""ان اهالي الانبار السنة قد جعلوا من ساحات الاعتصام غطاءا يتسترون به على العناصر التي تقوم بتهيئة وتفخيخ السيارات والانطلاق بها لتفجيرها في المناطق الشيعية، وان الحديث عن المطالب والمظلومية ليست سوى خدعة"؟، وعليه يعلن المالكي بعدها في خطاب علني ومن مدينة كربلاء "أن الجنود الحسينيين سيزحفون الى الأنبار لسحق أتباع يزيد" الذين يسكنون هناك ويختبئون في ساحات الاعتصام ويفخخون السيارات ويرسلوها الى المناطق الشيعية!!!. وفعلا زحف الجنود "الحسينيون" على محافظة الانبار ولازالت المعارك مستمرة حتى الان وقد تستمر الى امد غير معلوم.
ماذا يريد المالكي من حربه الطائفية بامتياز؟
تجارة التهديد والحماية ابتكار امريكي لابتزاز الدول،جرى العمل بها طيلة الحرب الباردة ولحد الان. فعلى سبيل المثال لا الحصر، وضعت امريكا الاتحاد السوفيتي انذاك العدو امام دول اوربا الضعيفة عسكريا، لتتقدم بعدها بعرض الحماية عليها مقابل ثمن. ووضعت دول الخليج في نفس المعادلة، مرة في حالة تقديم العراق في عهد النظام السابق كعدو، واخرى قدمت شاه ايران ولاحقا ملالي طهران كعدو، ودفعت دول الخايج ولازالت تدفع ثمن حمايتها. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء خطره على دول اوربا وضعت الاسلام والمسلمين بدلا عنه. والمالكي، على مايبدو،استنسخ الدرس وعمل به. بمعنى اوضح وضع المالكي سنة العراق بموضع العدو، وقدم نفسه حامي حمى الشيعة مقابل انتخابه لولاية ثالثة. ولكي يرسخ المالكي المخاوف داخل النفوس صعدت اجهزته ووحداته الخاصة التفجيرات في المناطق الشيعية واتهام السنة بها.
لكن هذا ليس كل شيء، فقد ذهب المالكي ابعد من ذلك، فقيامه بهذه الحرب الطائفية المشينة، لابد وان تنال مباركة الحلف الثلاثي غير المقدس امريكا وايران والكيان الصهيوني، كونها تنسجم مع اهداف الحلف بتدمير العراق وتمزيق وحدته الوطنية، وبالتالي مكافئته بولاية ثالثة. خاصة وانه لمس بيده عدم رغبة امريكا وايران باستمراره بالسلطة. حيث تقوم سياسة امريكا على عدم السماح لاية كتلة بتجاوز حدودها، والتفكير بانفراد هذا الطرف او ذاك في السلطة على حساب الاخرين. لان ذلك يتعاكس ومصالحها التي تقتضي تسويق الحكومة، على انها حكومة قوية وذات مظهر ديمقراطي. وملالي طهران يريدون ترشيح ممثل عن مجلس آل الحكيم الذي يقع تحت اشرافهم وتوجيهاتهم، وهذا ما يفسر موقف تيار مقتدى الصدر ومجلس الحكيم بالوقوف ضد ترشيح المالكي لولاية ثالثة.
دعونا نسترسل اكثر ونحذر من هذه الشخصية غير السوية. فاذا حدث وفشل المالكي في مسعاه، فانه سيلجا الى اشعال الحرائق في كل انحاء العراق، عبر السيارات المفخخة والقتل العشوائي وافتعال الازمات او الاقتتال مع كتل اخرى ناصبته العداء مؤخرا كالتيار الصدري، وربما سيقدم على نسف البرلمان العراقي وقتل اعضائه على غرار ما حدث للبرلمان الايراني في مطلع الثمانينات، حتى يجد المبرر الكافي، اما لاعلان الاحكام العرفية، واما الى تاجيل الانتخابات الى اجل غير مسمى، او كليهما.
نحن اذن امام حرب طائفية تهدد مستقبل العراق واهله. ولا يغير من هذه الحقيقة تراجع المالكي في حال هزيمة جيشه "الحسيني"، ووقف الحرب الطائفية، فالنار ستبقى تحت الرماد. وبالتالي فان ازالة خطر المالكي لا قيمة له من دون ازالة خطر الاحتلال الامريكي والنفوذ الايراني. وظني بان انجاز مهمة من هذا الوزن يصعب تحقيقها في ظل قيادة شيوخ العشائر للمعركة الدائرة الان. فهي من جهة لا تمتلك الخبرة الكافية ولا الالية المناسبة، ومن جهة اخرى ميلها الدائم للمساومات حين تتحقق لها مصالح ذاتية وفئوية ضيقة.  بمعنى اخر، لابد من قيادة وطنية شاملة يكون شيوخ العشائر جزءا منها لكي تشرف على انتقال الانتفاضة المسلحة الى حرب وطنية شاملة، في مواجهة حرب نوري الطائفية. بحيث تكون بدايتها اعلان المدن المنتفضة مناطق محررة، واقامة سلطة وطنية عليها، ليس من اجل الدفاع عنها واعتبارها اقليما كما يريد البعض، وانما الدفاع عنها كقاعدة انطلاق لتحرير جميع المدن العراقية وصولا الى العاصمة العراقية، لاسقاط العملية السياسية بكل اركانها، من حكومة وبرلمان ودستور، وتشكيل حكومة وطنية تنجز مهام التحرر والاستقلال، وانهاء مخلفات الاحتلال وكتابة دستور يحقق الطموحات الوطنية، تمهيدا لاجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة يقرر فيها الشعب العراقي شكل الحكومة والنظام الذي يريده.
هذه الحرب الوطنية ليس ابتكارا عراقيا، وانما حفل بها تاريخ الشعوب التي قررت تقريرمصيرها ونيل استقلالها والحفاظ على سيادتها الوطنية. بل ان هذا النوع من الحروب حظي بأهمية خاصة في العلاقات الدولية، باعتباره عملا وطنيا ذا قيمة إنسانية وموضع اهتمام لكل الشعوب وفي كل الأزمنة والظروف.
لا نجادل بصعوبة انجاز مهمة من هذا الوزن، لكن وجود المقاومة العراقية المسلحة، التي استعادت عافيتها في الاونة الاخيرة من جهة، وانهيار العملية السياسية من جهة اخرى، والاستياء الشعبي العام ضد الحكومة، جراء عدم قدرتها على تقديم ابسط مقومات الحياة للمواطن من جهة ثالثة. سيسهل انجاز هذه المهمة النبيلة. واي مراهنة اخرى على اصلاح الوضع في العراق عبر تغيير هذه العملية السياسية، من خلال الانتخابات او ممارسة الديمقراطية المزيفة، مراهنة خاسرة تماما، بل على العكس من ذلك، فالانتخابات كلها لم تنتج في كل مرة سوى ذات الوجوه الكالحة، وان القادمين الجدد، اما سيكونوا من نفس الطينة، او تسود وجوههم امام المغريات المسيلة للعاب.
لا يحق للاخرين ابتزازنا بوصف الحرب الوطنية على انها دعوة للاقتتال بين ابناء الشعب، او بين طوائفه وتياراته المختلفة، وانما هي دعوة لنيل المطالب المشروعة للناس، واي اعتراض على هذا الحق هي اعتراضات باطلة، او في احسن الاحوال كلمة حق يراد بها باطل، فدماء العراقيين ستظل تسيل بوسائل متعددة في حال استمرار المالكي بالحكم او من يخلفه. والشعب العراقي ليس الوحيد بين شعوب العالم الذي ينال حقوقه بالقوة، خاصة اذا كانت القوة وتكاليفها تعادل عودة الوطن الى اهله وادارته من قبل ابنائه المخلصين وتوظيف ثرواته لصالح اجياله المتتابعة، ليجري الوصول الى تحقيق العدالة والمساواة على اساس مبادىء المواطنة، وتكافؤ الفرص، وانهاء الاستغلال، واعطاء كل ذي حق حقه، بصرف النظر عن دينه او مذهبه او عرقه او طائفته.
قبل اربعة قرون ونيف، قال نيقولا ميكافيللي في كتابه الامير، "ان مجرد توقع المخاطر، فانه يمكن للانسان العاقل من علاجها بسهولة. اما اذا انتظر مجيئها حتى تقع، فان العلاج يصبح غير مجد بالنظر لتاصل الداء". ثم يضرب مثلا فيقول، "وهذا ما ينطبق تماما على الحميات الرئوية التي يقول الاطباء عنها، انها صعبة التشخيص وسهلة العلاج في البداية، ولكنها تضحى مع مرور الزمن، اذا سمح لها بالبقاء دون علاج، سهلة التشخيص وصعبة العلاج.  في حين يخبرنا اهل الذكر، بان الشعوب التي تتاخر بالامساك باللحظة التاريخية ستخسر معركتها حتما، مثلما تخسر ايضا اذا أمسكت بها قبل اوانها. ولذلك فاننا امام اللحظة، او الفرصة التاريخية، التي منحها لنا نوري المالكي، وعلينا الامساك بها ، لان اي تراجع عن استغلال هذه الفرصة التاريخية، وتحت اي ذريعة كانت، ستنهي الامل بتخليص شعبنا من محنته، او انها ستطيل من معاناته سنين اخرى، وربما عقود طويلة من الزمن.
ازعم بان شعبنا وقواه الوطنية ومقاومته المسلحة، لقادرين على انجاز هذه المهمة، اذا ما وحدوا صفوفهم، والتحموا بالانتفاضة في محافظة الرمادي والمحافظات الاخرى.
التاريخ ليس كريما في منح الشعوب فرصها التاريخية.


هناك 4 تعليقات:

Albayaty Abdul Ilah يقول...

يا عوني كل الوطنيين ابناء عشائر وكلهم سكنة مناطق والسياسيين ينبغي ان يذبوا بينهم وان يقدموا لهم المشورة وليس صراع الايديولجيات. محد طالع من زرف الحايط

Walaa Said يقول...

عبدالأله مثل هذه المعارك يخطط وينظم لها ولا تدار الا من مهنيين وابو عمر لم ينتقص من العشائر بل هو يعرف جيدا ان من يخوض معركة بهذا الحجم امام حكومة احتلال تدعمها دول لا بد ان يكون قادرا على كسب المعركة بجيش منظم وخطط عسكرية...مع تحياتي

Albayaty Abdul Ilah يقول...

هذه هي ظروف وامكانيات شعبنا فلنلتحم معها ونطورها

مكي النزال يقول...

الذي لا يعرفه الاخ عوني ان العديد من شيوخ العشائر هم ضباط ومحامون وأكاديميون وليسوا كلهم أبو ريشة

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..