يواصل الأستاذ الدكتور عبدالستار الراوي، عرض أوراقه الإيرانية على صفحات وجهات نظر، مستعرضاً هذه المرة واقع الصحافة الإيرانية في مواجهة سياسات النظام الحاكم.
إنها ورقة جديرة بالقراءة حقاً، أعدَّها خبير تمرَّس بالشأن الإيراني المعاصر منذ ثمانينات القرن الماضي.
أوراق إيرانية
الصحافة في درب الآلآم
هزيمة السيف أمام القلم
( .. لا يوجد في بلادنا سوى صوت واحد، هو صوت مرشد الثورة وعلى الاصوات الاخرى أن تسكت)
الكاتب الايراني أكبر غنجي
عبدالستار الراوي
مقدمة
عرفت إبران الوسائل الاتصالية منذ النصف الاول من القرن التاسع عشر، وكان أولها ظهوراً الصحافة، حيث أنشئت في مدينة تبريز أول مطبعة في العام 1819 ، وجاءت الكلمة الخبرية في نشرة بعنوان “رسالة جهادية” ، قام بإعدادها وتحريرها ميرزا عيسى، فيما أصدرت العاصمة أولى صحفها عام 1834 باسم بـ ( كاغد اخبار) أي ورقة الأخبار، وعقب مرور ثلاث سنوات أصدر ميرزا صالح الشيرازي عام 1837صحيفة رسالة اليوم (روز نامة) ، تلتها صحيفة (وقائع اتفاقية) عام 1849 م، وهما من أوائل الصحف الايرانية.
ويؤرخ الدكتور علي نوري زادة ظهور أول دورية أسبوعية عام 1851 بعنوان (الشيرازي). في الفترة ذاتها بادرت الحكومة القاجارية عبر دائرة الإعلام إلى تأسيس جريدة يومية بصفحة واحدة ، كرست للأحداث اليومية .. ثم تطورت الصحافة كثيراً في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وتنوعت إصداراتها، وظهرت تباعا المجلات والصحف المتخصصة في ميادين العلوم التطبيقية ؛ كالطب والهندسة والعمارة والزراعة وغيرها.
كانت هناك أيضا ؛ صحافة موازية تصدر في الهند والقاهرة وإسطنبول ولندن من قبل الإيرانيين المعارضين للحكم الاستبدادي القاجاري.
ويؤكد المؤرخون على دور صحف (قانون، أختر، حبل المتين، ثريا، برورش،عروة الوثقى) في إيقاظ الإيرانيين، حيث كانت تصدر في النصف الثاني من القرن 19 بالخارج، فيما تعد الثورة الدستورية (المشروطة) (1905 – 1908) نقطة تحول كبرى في تاريخ الكلمة ، فقد أحدثت هذه الثورة تحولا عظيما في حياة المجتمع الايراني ، بعد قرون من الكبت والقهر السياسي ، فكانت (المشروطة) ثورة الحرية التي تمكنت من تقييد سلطات الملك الذي كان يحكم وحتى ذلك العهد باستبداد مطلق. وقد ألزمت ثورة الدستور 1905(وزارة الانطباعات) إلغاء رقابتها على الصحف، ودشنت عهداً جديداً ظهرت خلاله صحافة مهنية حرة. يشير يوسف عزيزي إلى صدور حوالي 371 صحيفة ومجلة خلال 23 شهراً، أي في الفترة بين قيام الثورة والانقلاب المضاد للثورة الذي قاده الشاه محمد علي القاجاري ( 1906 – 1908).. وقد أسفر الانقلاب المضاد للثورة الدستورية، عن موجة اغتيالات وإعدامات شملت الثوريين والمناضلين كالخطيب والصحفي البارز ميرزا نصر الله خان الأصفهاني المعروف بملك المتكلمين، ومدير صحيفة صور إسرافيل، جهانغيرخان، ومدير صحيفة (روح القدس) سلطان العلماء.
كما تم إغلاق 4 صحف مهمة في طهران وهي: (مساوات، الحبل المتين، روح القدس، صور إسرافيل).
غير أن التضحيات لم تذهب سدى، فقد تمكنت الثورة المعروفة باتجاهاتها الوطنية والديمقراطية من تخطي الانقلاب الدموي، واستمرت الحريات السياسية والصحافية حتى وصول الشاه رضا بهلوي إلى سدة الحكم عام 1925م، الذي إنتهج حكماً ديكتاتورياً على رقاب الشعب الإيراني.
وبعد سقوط رضا بهلوي في 1941 عادت روح الثورة الدستورية إلى البلاد مرة أخرى، لتشهد فترة ذهبية للحريات الصحافية قضى عليها نجله الشاه محمد رضا بهلوي بعد انقلابه على رئيس وزرائه، محمد مصدق (50 – 1953).
ومن المحطات المضيئة في تاريخ الصحافة الايرانية ؛ يوم إضراب الصحافة الشهير في السادس من نوفمبر- تشرين ثانٍ 1978، الذي عرف بـ(يوم الإحتجاب الصحفي) إذ اتخذ فيه رؤساء تحرير الجرائد والمجلات قرارًا بإيقاف المطبوعات الخبرية اليومية في هذا اليوم احتجاجًا على الرقابة الحكومية المفروضة على (الكلمة) المقروءة ... ودعمًا لانتفاضة الشعب، وتأييدًا لأهدافها التحررية، وقد تحولت بعض الصحف والدوريات في الأيام التي سبقت ثورة 11 شباط 1979 إلى منابر ثورية للتعبئة الوطنية في إطار المطالبة بحرية الرأي، وتعددية الأفكار، والحقوق الديمقراطية الأخرى، إلى جانب فضح طبيعة النظام الديكتاتوري، وكشف عيوبه وفظاظة أساليبه، وسوء إدارته وفساد مؤسساته، وتحالف البيت الإمبراطوري الحاكم بالقوى الإمبريالية، ومناهضته لحركة التحرر الوطني.
ونزولا عند إرادة سلطة الكلمة ، وقبل شهر من إنتصار الثورة ، ألغى شهبور بختيار، آخر رئيس وزراء في حكومة الشاه الرقابة على وسائل الإعلام في إيران.
ولاية الفقيه : الصراع بين السيف والقلم
الصحافة في إيران تواجه وحشا كاسرا يرتدي عباءة الاتقياء ويضع على رأسه عمامة عنوانها الموت ، الكلمة الحرة تنبثق كما خيط النور الذي يحاول أن يخترق الظلمات ويبدد الاساطير، في مجتمع يئن تحت وطأة إستبداد دموي، يعيد ذكرى الانظمة الفاشية ـ وقد يذهب بوسائله الوحشية إلى حقبة القرون الوسطى، في فن إقتلاع العيون ، وإجتثاث الالسن ، وتحطيم الاقلام والاحلام .. حرب ولاية الفقيه على أصحاب القلم من الصحفيين والكتاب وأصحاب الكلمة الطيبة ، حرب مستديمة لم تضع أوزارها منذ العام الاول للثورة الخمينية وحتى أيلول – سبتمبر عام 2011.
1- عهد الخميني :
بعد بضعة أيام من وصول الإمام الخميني إلى باريس، أواخر عام 1978، استقبل عدداً من الصحافيين الإيرانيين ، كان أوّل سؤال وجّهه أحد الصحافيين حول مدى إلتزام الخميني والحكم الذي ينوي إقامته في إيران تجاه حرية الصحف والتعبير؟!.. وقد جاء ردّ الخميني : ( .. لن تكون هناك في نظامنا الرقابة، والكل قادرون على أن يكتبوا بما يشاءون، غير أنني أدعوهم من الآن أن يكونوا أحراراً وأن يراعوا الحساسيات الأخلاقية والدينية والاجتماعية).
عندئذ سأل صحافي شاب (..أليس ذلك ـ مراعاة الحساسيات ـ نفسه نوعاً من الرقابة النفسية، بل أليس ذلك أكثر خطراً على حرية التعبير والصحافة من الرقابة المباشرة)؟.
بدلاً من أن يرد الخميني على هذه الملاحظة، قفز قطب زاده بتصريحه وسط النقاش، فقال: أنتم الآن في فرنسا، بلد الحريات، بلد الثورة الكبرى، فإن كتبتم اليوم مقالاً حول حسنات الفاشية ونفيتم فيه المجازر البشعة التي حصلت لليهود خلال الحرب العالمية الثانية، فإنّ المدّعي العام لن يقوم بتوقيف صحيفتكم فحسب، بل إنه سيأمر باعتقالكم ومحاكمتم.
وبدا أن الخميني قد أُعجب برد قطب زاده بحيث قال إن القانون لدينا مأخوذ من الشرع بحيث سيحكم القانون فقط، وليس التفضيلات الشخصية والانتماءات الحزبية والفئوية على تعاملنا مع وسائل الإعلام. إنه من الطبيعي أن نعترض على مَن يسيء إلى مقدساتنا، لكن لن نعامله كما تعامل معكم نظام الشاه.
هو ذا مرشد الثورة العائد من باريس يتعهد حال نزوله أرض الوطن بأن حرية الكلمة فوق كل إعتبار وان الثورة الاسلامية تشرع كل الابواب التي أوصدتها البهلوية أمام حملة الاقلام وأصحاب الرأي !
هكذا بدا الخميني عشية انتصار الثورة عام 1979 “مؤيدا لحرية الرأي” .. وقد استقبلته الصحف لدى عودته من منفاه الباريسي بأكبر مانشيتاتها، وبعبارات الترحيب والمديح ، لكن شهر العسل كما يقول نوري زادة بين حرية الكلمة والسلطة لم يستمر طويلاً، فبعد أقل من ستة أشهر من قيام الثورة ، أعلن الخميني أنه (لن يقرأ صحيفة آيندكان) ؟!!،
لم يمض على قوله هذا سوى يوم واحد حتى انطلقت مسيرة ضخمة تحت قيادة رجال الدين في طهران، قام خلالها المتظاهرون بإحراق مبنى صحيفة «آيندكان»، ومن ثم الهجوم على مبنى مجلة «أُميد إيران» التي تجرّأ رئيس تحريرها ونشر صورة الدكتور شابور بختيار آخر رئيس وزراء في عهد الشاه على غلافها، مؤكداً على أن بختيار كان رمزاً للوطنية والعلمانية والشعب الإيراني قد ارتكب جريمة كبرى بحق نفسه بعدم حماية بختيار وتركه وحيداً في مواجهة عاصفة الثورة الإيرانية.
وكانت صحيفة الاجيال «آيندكان» الصباحية، أكثر شجاعة من غيرها في انتقاد رجال الدين وفكرة إقامة نظام ديني في إيران. كما تحولت مجلة «أُميد إيران» الأسبوعية، الواسعة الانتشار، إلى منبر للشخصيات والتنظيمات المطالبة بقيام نظام علماني في البلاد.
وقد شهدت طهران في يوليو (تموز) 1979، واحدا من أسوأ أيامها ، إذْ نشبت معركة دامية بين مسلحي «حزب الله» وفدائيي الإمام وحرس الثورة مع الطلبة والنساء والمثقفين المدافعين عن الصحف المستقلة.
وبموجب أمر السيد الخميني أصدرت وزارة الإرشاد الاسلامي ، قرارا يقضي بإيقاف صدور (54) أربع وخمسين مجلة وصحيفة يومية واسبوعية بأمر الإمام الخميني.
حتى أصدر مجلس قيادة الثورة قانوناً جديداً للصحافة، ضد حرية الرأي ، فقد فرض القانون الثوري قيودا على حرية وسائل الإعلام. بإستثناء إبداء معارضة بسيطة على هذا الإجراء لم تتمكن حكومة بازركان المؤقتة الوقوف أمام جبروت السيف على القلم ..
2- الثورة الثقافية:
بعد أقل من عام ونصف عام على مذبحة الصحافة الاولى : بدأ رجال الدين فى 4 يوليو 1981، ثورتهم الثقافية ـ وجدد الإمام الخمينى حملته على ممثلى التيار الليبرالى والعلمانى في البرلمان، وقال (.. أن إيران سوف تشهد من الآن فصاعدا، هزيمة التيار المعادى للإسلام من اتباع الثقافتين الشرقية والغربية على السواء، والذين يشكلون من الخطر الداهم على مستقبل البلاد ما هو أكثر مما فعلت كل جرائم وخيانات النظام الملكي السابق بأكمله) .
وفي ضوء هذا الخطاب دشن الخمينيون الثورة الثقافية بمصادرة ما يزيد على (175) صحيفة سياسية ، وامتدت الثورة إلى طرد ممثلي الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية ، وفرض حظر صارم على تصنيع أي نوع من أنواع محولات وأجهزة استقبال الإرسال الإذاعي، بحجة أن استخدامها دون ترخيص يعوق الإرسال المحلي بين أنحاء البلاد ، وتعددت مظاهر التزمت الدينى التي فرضها مليشيات حزب الله وقوات التعبئة ، مثل تنفيذ عمليات الجلد للمفطرين فى رمضان والتهديد بإعدامهم إذ تكررت تلك الجريمة، والحملات العديدة التى قامت بها الشرطة بحثا عن أدوات الفساد ـ والتى تمت فيها مصادرة الآلات الموسيقية وأشرطة الكاسيت، وذلك لتعارضها مع اللوائح القائمة، التى لا تبيح الاستماع بإستثناء أناشيد الحرب وخطابات المرشد .
وقد إقترن ذلك بإلغاء تراخيص صحف أخرى .. وعلى مدى خمس سنوات خلال الفترة من (1979 - 1984) دوَّن السجل الجنائي الاممي وجمعيات حقوق الانسان إرتكاب ولاية الفقيه جرائم دموية في حق الإنسانية ، فقد أظهرت الوقائع الرسمية قيام السلطات الايرانية للفترة المنوه عنها آنفا بإعدام نحو 44 صحافياً إيرانياً إضافة لمئات المفكرين وفق تقديرات المنظمات الحقوقية الدولية .
وفي نهاية الحرب العراقية الايرانية أغسطس- آب عام 1988 إنخفض معدل الصحف والمجلات الصادرة في إيران بنسبة 50% ، ولم يزد عددها عن نحو 121 صحيفة ومجلة.صلاحيات عندما كانت إيران تملك رئيسًا للوزراء.
أ- بعد وفاة الخميني في حزيران 1989 أُجْرِيَ تعديل جزئي على الدستور وكانت المادة 112 من دستور عام 1989 هذه المادة من أهم المواد التي أضيفت لدستور 1989 ولم يكن لها ولا للمؤسسة السياسية التي تتحدث عنها (مجمع تشخيص النظام) وجود في دستور 1980 الذي صدر في بداية الثورة وفي عهد الخميني ... وتعكس هذه المادة أيضًا تكريسًا دستوريًّا ومؤسساتيًّا لنظرية ولاية الفقيه وهو أمر لم تدع الحاجة إليه في عهد الثورة ربما بسبب شخصية الخميني الطاغية ... أو بسبب المعارضة الشديدة من قبل المرجعيات الدينية لنظرية ولاية الفقيه في بداية عهد الثورة حتى مع وجود الخميني، في كل الأحوال تجسد هذه المادة في الدستور الإيراني التوجه الثيوقراطي لنظام الثورة الإسلامية في إيران وسيطرة النخبة الدينية الحاكمة مما يقف عائقًا أمام أية محاولة حقيقية للإصلاح حتى ولو جاءت من النخبة الدينية الحاكمة نفسها وهذه واحدة من أشد العقبات وعورة التي تواجه التيار الإصلاحي الذي يقوده الرئيس محمد خاتمي هذه الأيام.
ب- المادة 112 عززت موقع الرئيس أيضًا من خلال دمج رئاسة الوزراء برئاسة الجمهورية، لكن هذا التعديل لم يمنع خاتمي الذي شعر بتبعيته الصارمة للفقيه، لم يمنعه من السعي إلى تمرير قانون في الشورى من أجل منح الرئيس صلاحيات أكبر، إلا أن المجلس رفضه.
ت- يمزج الدستور الإيراني من حيث الشكل بين المشاركة الشعبية المطبقة في الغرب باسم الديمقراطية والحكم الديني، فالرئيس المنتخب والمسؤولون في السلطة التنفيذية يخضعون لمساءلة البرلمان، لكن سلطتهم لا توازي سلطة الولي الفقيه.
ث- بينما ينتخب رئيس الجمهورية لفترة أربع سنوات، فإن الولي الفقيه ينتخب أيضًا من قبل مجلس الخبراء لمدة غير محدودة ويمكن عزله إذا فقد أحد الشروط المؤهلة.
ج- يمنح الدستور الرئيس مسؤولية تنفيذ السياسة الاقتصادية، وإدارة الشؤون السياسية للبلاد من خلال مجلس وزرائه، وهو أيضًا رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الذي ينسق الدفاع الوطني والسياسة الأمنية. ويوقع الرئيس مذكرات واتفاقيات مع حكومات أجنبية وله حق الموافقة على تعيين السفراء.
ح- في المقابل يمتلك الولي الفقيه القول الفصل في جميع قضايا الدولة، وهو الذي يضع الإطار العام للسياسات الخارجية والداخلية ويسيطر مباشرة على القوات المسلحة والمخابرات، ويعين مجموعة من أصحاب المناصب المهمة في الدولة مثل رئيس الهيئة القضائية ورئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحكومية، وله ممثلون شخصيون منتشرون في بعض المؤسسات الحكومية والأقاليم.
خ- من أهم الإضافات التي جاء بها دستور 1989 المعدل أيضًا إنشاؤه لما يسمى بمجمع تشخيص النظام الذي أعطى القائد هيمنة مباشرة على مجلس الشورى الإسلامي تتعلق بوظيفته التشريعية عن طريق ممارسة رقابة دستورية على ما يصدره من قوانين وتشريعات بالإضافة إلى ما يتمتع به القائد من صلاحيات لتحديد نوعية ومواصفات المرشحين عن طريق مرجعية مجلس صيانة الدستور له. انظر المادة: 112 من دستور 1989.
3- الرفسنجانية (1989- 1997):
ابتداء من العام 1989 أتاح التعديل الدستوري إدخال مادة تنص على أن “حرية التعبير والرأي ونشر الأفكار مضمونة، إذا لم يتم المساس بالمبادئ الإسلامية ومصالح البلاد” .. وقد استبشر الاعلاميون خيرا بالتعديل الدستوري ، الذي أقر لاول مرة قانونية حرية الرأي .. فيما كان الواقع يشهد إنتهاكا متعمدا للمادة الدستورية ، فأصبحت عبارة مجوفة ، القصد من تدوينها كان تضليل الرأي العام بدعوى ديمقراطية نظام رجال الدين . فقد شهدت المرحلة الرفسنجانية إغلاق وتعليق عشرات الصحف والمجلات للفترة (1989- 1997) لقد دفعت وستدفع صحف المعارضة ثمن مواقفها، حيث تعرض بعضها عدا عقوبة التعطيل إلى الملاحقة القضائية ، مثلما تعرض العاملون فيها للمضايقات والاعتقال وبتهم متفاوته وتحت عناوين «التآمر وتهديد الأمن الوطني والعمالة للخارج» وهي تهم دأبت الصحافة الحكومية والمؤيدة للنظام على الترويج لها.
4- عهد خاتمي (1997-2005) :
شهدت الصحافة الإيرانية في عهد الرئيس خاتمي نشاطاً بارزاً من حيث نوع وكم الإصدارات ومعدلات التوزيع، ، حيث زاد عدد الصحف والمجلات ووصلت إلى أكثر من 400 صحيفة ومجلة يومية وأسبوعية وشهرية مستفيدة من مناخ الإنفتاح السياسي الذي بدأ فضاؤه يتسع تحت شعارات الاصلاح والانفتاح .. وبدأت الكلمة الحرة تنهج أسلوبا مختلفاً عن بعضها وأحيانا متصارعاً، في ظل أجواء الحرية التي وفرها نسبيا المناخ الإصلاحي الذي وفره السيد خاتمي ، منذ أن كان وزيراً للثقافة والإرشاد ودعوته إلى الانفتاح على الصعيد الإعلامي ، حيث أبدى مرونة غير مسبوقة من خلال سعيه إلى تغيير سياسة الوزارة وبرامجها الثقافية، وهذا الأمر أزعج الجناح المتشدد وكوادره الموجودة في وزارة الإرشاد ، خاصة بعد دعم الوزير خاتمي لنشر العديد من الكتب والنصوص التي كانت معلقة أو تحت لائحة المنع ، فضلا عن مبادراته في إحداث تغيرات جوهرية في مجال السينما من خلال موافقته ببث كثير من الأفلام التي جرى منعها سابقا ، وقد نظر الاتجاه المحافظ لإصلاحات خاتمي بأنها تشكل خطراً على الثورة الإسلامية ، مما أجبر خاتمي أمام ضغوط التيار المحافظ على تقديم استقالته من وزارة الثقافة الإرشاد .
وإذا كان الاصلاح هو عنوان العهد الخاتمي من حيث الانفتاح النسبي وتدفق الكم الهائل من المطبوعات والدوريات الصحفية ، فإنه أيضا العهد الذي إنتهكت فيه الحريات العامة بأساليب غير مسبوقة في تاريخ الثورة الايرانية ، فقد إنبثقت في عهد الرئيس الاصلاحي ظاهرة الإغتيالات السياسية ، فكان الارهاب الفكري والتصفية الجسدية مصير الكلمة الحرة، وقد كان للمفكرين والمثقفين وطلبة الجامعة ولأصحاب القلم، النصيب الاعظم من الضغط والإيذاء وحتى الموت ، فقد سيق العشرات إلى ساحات الإعدام ، ونصبت للكثيرين أعواد المشانق ، أو الذين تم إسكاتهم غيلة بالرصاص ، فيما أودعت صفوف أخرى سجن إيفين .. وبذلك تكون ولاية الفقيه أشهرت كل مالديها من أسلحة المحق ووسائل الايذاء .. وكان مسلسل إغتيال المثقفين قد بدأ بتصفية زعيم حزب الشعب الوطني داريوش فروهر وزوجته براونة وثلاثة من الكتاب والمثقفين هم مجيد شريف ومحمد مختاري ومحمد جعفر بونيده الذين قتلوا بصورة بشعة بأمر من سعيد إمامي نائب وزير الاستخبارات السابق علي فلاحيان، وعلى أيدي عناصر من الوزارة، علماً ان بعض المتهمين كشفوا خلال استجوابهم من قبل اللجنة الرئاسية الخاصة التي كلفها خاتمي بالتحقيق حول الاغتيالات، انهم أقدموا على قتل اعداء الثورة بناء على فتاوى صادرة عن بعض علماء الدين المحافظين أهدروا فيها دماء هؤلاء الأعداء. ومنذ ان كشف خاتمي عن تورط وزارة الاستخبارات في قتل المثقفين والمعارضين، تعرض هو وأنصاره لحملات مستمرة من قبل المحافظين، التي لم تتوقف عن السعي لإقصائه والقضاء عليه، بل ان معظم رجال خاتمي ممن كانوا يتابعون ملف الاغتيالات هم إما في السجن مثل اكبر كنجي وعماد الدين باقي وعبد الله نوري وزير الداخلية السابق، او في بيوتهم صامتون وخائفون على حياتهم حسب قول احد المحامين الذي يتولى الدفاع عن بعض الصحافيين المعتقلين، فيما يقضي مهندس المجتمع المدني والشخصية الرئيسية في الكشف عن دور وزارة الاستخبارات في الاغتيالات، الدكتور سعيد حجاريان مستشار خاتمي وعضو المجلس البلدي، يقضي ايامه على الكرسي المتحرك منذ تعرضه لمحاولة اغتيال اصابته بشلل، على أيدي عناصر من الحرس والبسيج ممن حوكموا محاكمة صورية وصدرت بحقهم احكام خفيفة تلبية لتعليمات من السلطة العليا. وكان احد اعضاء لجنة القضاء في مجلس الشورى الايراني قد كشف عقب زيارته لبعض السجون، ان المتهمين في قضية محاولة اغتيال سعيد حجاريان ليسوا في السجن مما اثار ضجة كبيرة في ايران خاصة بعد ان اعترف رئيس المجمع القضائي بطهران، باطلاق سراح المتهمين لأنهم قدموا طلباً باعادة محاكمتهم في محكمة الاستئناف. ومما يجدر ذكره ان خاتمي اكد مراراً أن قراره الكشف عن تورط وزارة الاستخبارات في عملية اغتيال النخب الفكرية والسياسية في البلاد، كلفه كثيراً.
وبالقدر الذي أحدثته قضية سعيد حجاريان من هزة في المجتمع الإيراني فإنها كانت دلالة على أن محاولة اغتيال الرأس المفكر للتيار الإصلاحي يعني أن اتجاه العنف أصبح يتطور ويأخذ بعداً خطيراً من خلال إستهداف رموزه ، ونتيجة لذلك قام الرئيس السابق خاتمي بالضغط على المرشد للكشف عن مدبري عملية اغتياله ، وإذا لم يتم ذلك فسوف يقوم بتقديم استقالته ، الأمر الذي دفع " خامنئي " الضغط على الأجهزة المعنية باتخاذ التدابير ،بل والضغط باتجاه وقف العنف خوفاً من انفجار الأوضاع .
وقد كانت محاولة اغتيال حجازيان تحمل في مضمونها أربع رسائل خطيرة :
الرسالة الأولى، موجهة إلى الرئيس خاتمي شخصياً وهي أن العنف القاهر والموجه إلى رموز التيار الإصلاحي يمكن أن يتطور ويصل إليه ويطاله .
الرسالة الثانية، حرية الكلمة تعني الولاء التام لولاية الفقيه ، وان الموت هو الثمن الذي يتعين أن يدفعه دما الصحفيون والكتاب المخالفون لفلسفة النظام السياسي القائم
الرسالة الثالثة، إلى قيادات التيار الإصلاحي وهي أن محاولة اغتيال حجازيان سوف تثنيهم أو تبعدهم عن التيار الإصلاحي وإذا ما استمروا على هذا النهج سوف يلقون مصير حجازيان
الرسالة الرابعة، وهي الموجهة إلى رموز جهاز المخابرات الإيراني وحتى رموز القيادات الثورية التي تتبع لقائد الثورة من أن أي شخص سوف ينهج سلوك حجازيان ويخرج عن ولائه للمرشد ولمؤسساته فسوف يلقى المصير نفسه .
درجات تصنيف المواطنة وقص أجنحة الصحف
تقول الجرائد الإيرانية المعتدلة –نشاط، خرداد، وصبح إمروز، و آبان – :إن سلوكها في تتبع موضوعات كعمليات القتل الأخيرة، وإلقاء القبض على محسن كديور، و الانتخابات، و هزيمة الجناح الحاكم المحافظ ، جعلت جناح اليمين يبدأ بتنفيذ برنامجه الذي أعده من قبل لتقليم أظافر الصحف المستقلة! و تقول كيهان المتشددة و جوان : إن خاتمي قال في جلسة لمستشاريه، إن القائد غير راض عن نهج الصحف ،وقدتوعد المدعي العام يزدي في خطبة الجمعة الصحف بعد ذلك! والحقيقة أن حركة الجامعات و الحوزات-المدارس الدينية_ معا تبين بوضوح ما يخشاه الجناح الحاكم ! وتبين أيضا بوضوح لماذا يحتاج خامنئي إلى المحاكم الخاصة لرجال الدين في سبيل الحفاظ على ولاية الفقيه .
من جانب آخر قال منظر ولاية الفقيه مصباح يزدي إن التساوي في الإنسانية لا يلزم التساوي في المواطنة ، ويمكن أن يكون هناك مواطنون على درجات متفاوتة! يزدي وأضرابه لا يعتقدون بتساوي البشر –فضلا عن المواطنة-ولذا كل من لا يتفق معهم في الرأي قضوا عليه بتهمة المحارب و المعاند والمرتد و الناصبي أو الوهابي، بل يسمونهم بالحشرات المؤذية كما كان يحلو للخميني، ثم يقضون بحرمانهم من حق الحياة .
جمعية ذوى الصحفيين المعتقلين الإيرانيين
تحت مظلة الاصلاح الخاتمية الواهنة وفي عهد الإنفتاح الموهوم إستقبل (إيفين) والسجون الاخرى عشرات من الكتاب الاحرار ..وعندما عجز خاتمي وضع حد لحملات الاعتقالات المتتالية طوال عهده ، مما دفع أصدقاء وذوي سجناء الرأي إلى إصدار بيان إلى الشعب الإيراني جاء فيه ( نحن نعيش فى ظل نظام يحكمه الدستور وهو ثمرة لدماء آلاف الشهداء، وعندما يحث المسؤولون على ضرورة رعاية القانون والشرعية الإسلامية، ترى استناداً إلى أى قانون يتم احتجاز الأشخاص واعتقالهم دون تحديد التهمة الموجهة إليهم، وان السؤال الملح الكبير الذي تحتمه موجة الاعتقالات فى صفوف عشرات المحصينين الإعلاميين، هو أى بند من القانون يشير إلى المعتقلات السرية حتى يمتنع قاض المحكمة عن الإفصاح عن مكان اعتقال فريبا داوودى، وعزت الله سحابى).
وقد تعمد أنصار الكلمة الحرة أن يطلقوا البيان في الذكرى الثانية والعشرين للثورة الإسلامية ، ويعلنون في التاريخ نفسه وبمبادرة من صحيفة التضامن (همبستكى) عن قيام (جمعية ذوى الصحفيين المعتقلين الإيرانيين) فى 11/2/2001، عقب اقتياد عدد من العاملين منها إلى المحاكم وإخضاعهم للتحقيق من بينهم (السيدة مزيبا داود مهاجر) مديرة العلاقات العامة فى الصحيفة.
ووضعت الجمعية الاهداف التالية :
1- الدفاع عن المعتقلين من ذوى المهن الإعلامية
2- المطالبة بإطلاق حرية الكلمة.
3- ضمان الحقوق المهنية والإنسانية
وعقب مرور أسبوعين فقط من تشكيل الجمعية جردت قوات الامن يوم 27/2/2001 حملة إعتقالات واسعة شملت عشرات من ذوي القلم من مثقفين وصحافيين ووجه النظام تهمة الإطاحة بولاية الفقيه للذين ألقى القبض عليهم، وقد شاع مصطلح (الوطنية الدينية)، الذي عدّ مفهوماً مناهضاً للثورة والجمهورية، باعتباره يؤسس لثقافة معادية للمجتمع الديني.
5- زمن الرئيس محمود أحمدي نجاد
منذ اطلالته عام 2005 ومرورا بأحداث عام الانتخابات المزورة 2009 وما تلاها من مظاهرات الغضب الشعبي في مطلع عام 2011 والرئيس نجاد يضع الصحافة في خانة أعداء الجمهورية المهدوية بإستثناء صحف الولاية الاربع الصفراء.
أ- بدأت رحلة الكلمة تشق طريقها في درب الآلآم ، إذ كانت الصحافة هي العنوان الاول في معركة الرئيس الجديد، وقد ساءت أحوال الصحافة في إيران بشكل فاضح، فبينما كانت وزارة الثقافة ما تزال تدعم الصحافة خلال رئاسة خاتمي، تغيرت نهج الوزارة وانقلب على عقبيه في ظل رئاسة أحمدي نجاد لتتحول إلى جهاز لمراقبة الصحافة الحرة. وفي السياق نفسه تم منع مجلة “بازتاب” الإلكترونية المقربة من المحافظين. وأيضا تم منع صحيفة كارغوزاران المقربة من تيار رفسنجاني، بسبب نشرها بياناً لإحدى الروابط الطلابية،.
ب- ازدادت أوضاع الصحافة في إيران تدهورا وبلغت ذروتها أثناء وعقب الإنتفاضة الشعبية (الثورة الخضراء) التي شهدتها إيران إثر إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في حزيران –يونيو 2009، ليدشن النظام حملاته القمعية بمطاردة أصحاب الكلمة وزج العشرات الصحافيين في السجون ، فيما إمتد سعير الحملة الهوجاء إلى الصحف الإصلاحية، فتم إغلاقها .. واضطر الكثير من الكتاب والمحررين إلى هجرة البلاد. ونتج عن الاجراءات الفاشية في المنع والمطاردة والاغلاق أزمة (الهوية الصحافية)، وأزمة أخرى عرفت بـ(المهنية)، بمعنى أن الوسط الصحافي الإيراني لم يستقر حتى الآن علی تعريف محدد وواضح لمهنة الصحافة، وهوية واضحة للأداء الصحافي.
ج- أرجعت حاكمية ولاية الفقيه الأزمتين حسب منهجها السياسي إلى إتهام ملتبس بدعوى تقول ؛ أن الجيل الطالع من الصحافيين استغل مهنة الصحافة من أجل غايات سياسية محددة.!!
مما أوقع الجيل الجديد بين نارين، بين الضغوط المالية والضغوط السياسية وبين أجواء الانفتاح التي عاشوها لمدة قصيرة أيام الرئيس السابق محمد خاتمي. وبذلك، فإن مثل هؤلاء الصحافيين سيتجهون نحو أي باب يُفتح أمامهم، إحساساً منهم بأنهم ينتقلون إلى الصحافة المهنية.
ح- وطبقا لتقرير المنظمة الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الصحفيين فإن عام 2009 سجل عهد الرئيس نجاد رقما قياسيا في عدد الصحفيين المعتقلين في إيران نتيجة للحملة الوحشية ضد المعارضة بإشراف ومتابعة مكتب المرشد ، واتهمت اللجنة في تقريرها السنوي الخاص بحرية الصحافة الصادر عام 2010 بأن إيران تأتي في صدارة الدول من حيث عدد الصحفيين الذين ألقوا في غياهب السجون في العام الماضي، حيث ألقت القبض على أكثر من تسعين مراسلا، وما يزال ثلاثة وعشرون كاتبا على الأقل رهن الاعتقال.
وأعلنت المنظمة أن أكثر من 65 صحافيا وصاحب مدونة وكاتب معتقلون في إيران منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في حزيران- يونيو الماضي وقد يحاكمون بتهمة ''التجسس'' لوسائل الإعلام الأجنبية.
خ- الصحافي الإيراني الكندي (مزيار بحري) الذي كان يعمل لحساب مجلة ''نيوزويك'' الأميركية وسجن في إيران في حزيران/يونيو 2009 وأطلق سراحه بعد أربعة أشهر، إن هناك أكثر من 100 صحافي ومدون وكاتب اعتقلوا في فترات مختلفة منذ الانتخابات ، وقد يحاكمون بتهمة ''التجسس'' لوسائل الإعلام الأجنبية.
د- معركة الانترنيت والمواقع الالكترونية : أنذرت السلطات الايرانية معارضيها من مغبة استخدام البريد الالكتروني والرسائل النصية لتنظيم التظاهرات والتجمعات المناهضة للنظام. فيما قال محامي رئيس تحرير صحيفة سرمايه الايرانية ان موكّله صدر ضده حكم بالسجن تسع سنوات بتهمة اثارة اضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو حزيران 2009.
وفي هذه الاثناء ذكر موقع إصلاحي على الانترنت أن مجلس الرقابة على الصحف في ايران حظر نشر صحيفة اصلاحية كبرى قريبة من زعيم المعارضة مير حسين موسوي. في حين قالت وسائل اعلام إن محكمة ايرانية حظرت مجلة اسبوعية بتهمة التشهير ونشر الأكاذيب، بسبب إدعاءات بإهانة الرئيس الإيراني الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني.
من جهته قال مدير جهاز الشرطة الايراني الجنرال اسماعيل احمدي مقدم إن السلطات تراقب وسائل الاعلام بما فيها الانترنت، وانه ستتم معاقبة الذين يستخدمونها لغير اغراضها.
واضاف الجنرال مقدم بأن على انصار المعارضة عدم التوهم بأنهم سيكونون بمنأى من العقاب باستخدام طرق مبهمة لايصال رسائلهم.
وكانت السلطات الايرانية قد عمدت الى حجب عدة مواقع مؤيدة للمعارضة وايقاف خدمات الرسائل النصية بعد الاحتجاجات التي اندلعت عقب الانتخابات الرئاسية لعام 2009.
يذكر ان مؤيدي المعارضة الايرانية، الذين يفتقرون الى صحف تنطق باسمهم، التجأوا الى الوسائل الالكترونية للاتصال فيما بينهم ومع العالم الخارجي لتنظيم التظاهرات ونشر صورها.الا ان الجنرال مقدم اكد على ان القيام بنشر خطط المعارضة لمؤيديها نشاط يستحق عقابا مشددا.
وقال: إن على الذين يحرضون الآخرين على التظاهر والاحتجاج يجب ان يعلموا بأنهم يرتكبون جرما اكبر من اولئك الذين يتظاهرون في الشوارع.
ومعلوم أن معظم المواقع التي لها صلة بالمعارضة ممنوعة أصلا في إيران، لا سيما تلك التي تنشر مقالات تمجد المرشحين الخاسرين في الانتخابات الرئاسية المتنازع بشأنها والتي شهدتها البلاد في يونيو حزيران الماضي.إلا أن المعارضة تواصل تأسيس مواقع جديدة على الشبكة العنكبوتية طالما أنه ليس لها صوت في الاعلام الحكومي وتعتمد على الانترنت لنشر بياناتها ومقالاتها.
قائمة الاتهامات الجاهزة
التآمر وتهديد الأمن الوطني والعمالة للخارج» وهي تهم دأبت الصحافة الحكومية والمؤيدة للنظام على الترويج لها: منافق، منحرف، جاسوس، معاد للقيم الاسلامية، عنصر تخريبي .
القائمة السوداء : قائمة المغضوب عليهم من قبل ولاية الفقيه، تضمنت جردا بأسماء الكتاب والمفكرين والصحفيين من المستقلين والاصلاحيين والليبراليين.
فئات الصحفيين
وضع الصحافة في إيران لا يختلف كثيرا عن الانقسام السياسي الحاصل بين القوى والجماعات داخل النظام وخارجه، فالصحافيون بحسب إفادة «بدر السادات مفيدي» مسؤولة اتحاد الصحافيين هناك هم ثلاث فئات؛
الفئة الاولى الممتازة : يحظى أعضاؤها بدعم مالي من مكتب السيد المرشد، وتقدم لهم الحكومة الإمتيازات.
الفئة الثانية: المراوغون، الذين يحاولون مسك العصا من الوسط بين النظام والخارج، ينافقون الغرب وفي نفس الوقت يخادعون السلطة بتقاريرهم.
الفئة الثالثة: فرسان الكلمة الحرة: الذين لايخشون في الحق لومة لائم ، هؤلاء هم الفئة المغضوب عليها من النظام وهؤلاء يصنفون في خانة «العملاء والأعداء»، !! لكنهم في نظر الشعب الصوت المهني الحر الذي يدرك بأن واجبه يحتم عليه الدفاع عن الحقيقة وان يقف في وجه السلطان الجائر ، وفي أكثر من مناسبة رفع عدد كبير من الصحافيين المغضوب عليهم أصواتهم ضد محتكري السلطة التي تنوي فرض الرقابة الكاملة من خلال عسكرة الأجواء ولجم الأفواه...
الصحف الصفراء:
تطلق المعارضة الايرانية مصطلح الصحف الصفراء على جرائد ولاية الفقيه الاربع (كيهان ، رسالت ، جمهوي اسلامي ، أبرار)، لكونها خاوية من المضامين، وعديمة النفع وفاقدة للصدقية، وكل الذي يشغلها هو الدفاع الاعمى عن التجربة الدينية البائسة والاشادة بقائدها ، لذلك فإن قراءها قليلون ، بإستثناء بعض رجال الدين وأنصار ولاية الفقيه ، ولمحدودية قرائها وصعوبة انتشارها ، تعرضت هذه الجرائد إلى خسائر فادحة ، ولتعويض ذلك تعتمد هذه الصحف على دعم بعض المؤسسات الثورية ، ومكتب الولي الفقيه لتغطية خسائرها ، وكذلك الدعم المقدم من البازار "التجار "، بالاضافة إلى الإعلانات والدعايات التجارية لتوفير موارد مالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق