موقعنا الجديد، مع التقدير

موقعنا الجديد، مع التقدير
نأسف لإزعاجكم، انتقلنا إلى هنا رجاءً، يرجى الضغط على الصورة للانتقال إلى موقعنا الجديد

الاثنين، 5 ديسمبر 2011

قفوا تحية لهذا القائد الكبير

من منا لايتذكر تلك المآثر الخالدة التي سطَّرها هذا القائد العراقي البطل الكبير عبر أكثر من ستة عقود..؟
من منا ينسى وقفاته البطولية، ونزاهته وعفته وانضباطه العالي..؟
لنقف، كلنا، إجلالاً وإكراماً لخلقه النبيل وبطولاته الفذة وسيرته الحسنة، ولشخصه الكريم..



انه البطل العراقي الفريق أول الركن عبدالجبار شنشل، ذلك القائد العسكري الشجاع الذي يتذكر كل العراقيين أمجاده وسيرته الناصعة.. ونتذكره شخصياً، وقد كان جاراً لنا في حي اليرموك ببغداد منتصف سبعينات القرن العشرين.

مصطفى
..........


من رجالات العراق الابطال
عبد الجبار شنشل

البطل شنشل مع تلميذه الفريق أول الركن المرحوم عدنان خيرالله

عبد الجبار شنشل ضابط عراقي سابق. امتدت مدة خدمتة إلى ستون عاما ابتدأها من رتبة ملازم حتى وصل إلى رتبة الفريق اول ركن.
أصبح رئيسا لاركان الجيش ثم وزيرا للدفاع ثم وزير الدولة للشؤون العسكرية.
من مواليد محافظة نينوى مدينة الموصل.
شارك في كافة الحروب التي خاضهاالعراق. في حرب العرب عام 1948 وحرب 1967 مع إسرائيل وحرب 1973 مع إسرائيل وحرب 1980 مع إيران وحرب 1991 مع دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية . بالإضافة إلى تأليفه عدة كتب تناولت التدريب والقيادة والسيطرة.
عرف الفريق الاول الركن عبد الجبار شنشل بالعصامية والنزاهة والانضباط والصراحة طيلة أكثر من ستة عقود أمضاها في الخدمة العسكرية، جنديا مقاتلا في الثكنات والمعسكرات، لم يسجل عليه أنه تهاون في واجباته، او تخلى عن مسؤولياته،أو نافق في علاقاته، وأجمل ما فيه تلك اللكنة الموصلية في كلامه التي ظلت ملازمة له مع انه لم يعش في الموصل غير خمس عمره، خصوصا سنوات النشأة والصبا، وقضى سبعين عاما في بغداد وبقية المحافظات بحيث بات خبيرا في الجغرافيا العراقية وهو القائد العسكري البارز..
من كثرة تنقلاته واقاماته في المدن والبلدات والقرى والجبال والوديان والبوادي والاهوار، يعرفها بالتفاصيل بالاسم والمساحة والمسافة والعلامات، وكثيرا ما كنا نلجأ اليه في عملنا الصحافي والاعلامي نسأله ونستفسر منه عن مكان او حدث، خلال سنوات الحرب الايرانية على العراق، فكان يجيب ويوجّه وينصح، قبل ان يتدارك ويبدأ هو السؤال بجد ولوم:
'أشنوا ما تعرف.. بقى هاي شغلي سهلة'!
ومن قرأ رسالة نجله الدكتور يوسف المنشورة في 'القدس العربي' وفيها عرض الحالة الصحية لوالده القائد الكبير، لا بد ولاحظ عبارة (يعيش على مدخراته المتواضعة وتسديد تكاليف علاجه) وهذه حقيقة مؤلمة، طبعا لم يشأ الابن ان يفصح عن حقيقة محزنة أخرى عن أبيه، تتمثل في ان شقيقته الدكتورة أيسر التي ترعاه في العاصمة الاردنية منذ خمس سنوات، اضطرت وهي مرغمة على اخراجه من المستشفى الذي يرقد فيه واعادته الى شقتها الصغيرة في حي ضاحية الرشيد، لانها لا تقوى على دفع نفقات المستشفى اليومية والمكلفة..
وتصوروا رجلا قضى في الوظيفة أكثر من خمسة وستين عاما متواصلا، تعرض خلالها الى الموت عشرات المرات دفاعا عن بلاده وامته وشغل مهام ومواقع قيادية متدرجا من آمر فصيل الى وزير للدفاع باقتدار، ومن رتبة ملازم ثان الى فريق أول باستحقاق، لا يستطيع ان يدفع تكاليف أدوية وطبابة ورقود في المستشفى، وهو الذي كان بمقدوره وبسهولة ان يفتتح أرصدة وحسابات لا حصر لها ويضع فيها الملايين بل المليارات من الدولارات والجنيهات والروبلات والفرنكات الفرنسية والماركات الالمانية قبل ان تتحول الى اليورو، والينات اليابانية وغيرها من العملات الدولية الاخرى، ولكنه انسان فاضل وجليل لم يمد يدا الى الحرام طوال عمره، قانع براتبه الشهري..
قابل بحياته البسيطة وسط اسرته ومؤسسته ومجتمعه، وهو الحريص الى حد الصوفية في الابتعاد عن المباهج والرفاه والمغريات، نزيه بشكل لا يصدق، يتجنب كل شيء قد يثير اللغط وسوء الحديث والكلام، واليكم هذه الحكاية وشهودها أحياء يرزقون، للدلالة على عفته ونبله وصدقه مع نفسه والاخرين.
في عام 1976 سافر وفد عراقي رسمي كبير الى موسكو برئاسة الدكتور عزة مصطفى عضو مجلس قيادة الثورة ووزير العمل والشؤون الاجتماعية في حينه وعضوية عدد من الوزراء والمسؤولين من بينهم رئيس أركان الجيش الفريق عبد الجبار شنشل الذي تولى رئاسة الجانب العراقي في المباحثات العسكرية مع المسؤولين السوفييت، وكان شديدا وحريصا في المفاوضات التي تناولت قضايا تدريبية وشراء أسلحة ومعدات بلغت قيمتها بما يعادل اربعة عشر مليون دولار، وحان موعد التوقيع على محضر الاتفاق، وحضر رئيسا واعضاء الوفدين العسكريين العراقي والسوفييتي..ولكن سرت همهمة لدى الجانب العراقي وتأخر موعد التوقيع وسط غضب واضح على وجوه الجنرالات السوفييت، وتبين في نهاية الامر ان الفريق شنشل يمتنع عن التوقيع على محضر الاتفاق ويبرر امتناعه بان المبلغ عال جدا وبالملايين، ولا يصح التوقيع عليه من قبله، وحدثت مشكلة لم يحسمها غير اطلالة الدكتور عزة مصطفى على المجتمعين وقام بالتوقيع على الاتفاقية العسكرية الثنائية، وتنفس الفريق شنشل الصعداء وسمع وهو يقول:
هسي تمام وهيك الصح..
وتردد في حينه ان الدكتور مصطفى عند عودته الى بغداد حدّث الرئيس أحمد حسن البكر- رحمه الله ـ بالقصة وكيف استاء المسؤولون السوفييت من امتناع رئيس اركان الجيش العراقي عن توقيع الاتفاقية العسكرية التي فاوض عليها وكان اعتقادهم انه غير راض عن كلفتها المالية، فضحك البكر وقال للوزير مصطفى:
يا دكتور لازم كنت تعرف ان ابا مثنى - يقصد الفريق عبد الجبار- حنبلي ويصير سامي الشيخلي (بطل العراق والعرب في ركضة المئة متر) عند شغلة الفلوس!
الفريق عبد الجبار شنشل رغم صرامته وحزمه المشهودين به، بسيط في تعامله مع الضباط والجنود والمراتب حتى وهو رئيس اركان ووزير، كان يتفقد المواقع الامامية والحجابات على جبهة الحرب مع ايران بنفسه دون ان ينزع رتبته والانواط والاوسمة عن صدره، وعندما حاول الفريق المرحوم ثابت سلطان قائد الفيلق الرابع ذات مرة ان يمنعه من زيارة موقع عسكري أمامي كان مشتبكا مع العدو، وقف شنشل وهو يرتعد من الغضب وصاح بالفريق ثابت:
'ابق في غرفة العمليات وعالج الموقف وانا رايح عند أولادي'
ونهض وسار بخطوات ثابتة نحو سيارته وسط تساقط كثيف من القنابل والقذائف المعادية ولحق به الفريق ثابت وقاد بنفسه عجلة الفريق شنشل الى الموقع الامامي الذي استبشر ضباطه وجنوده بمقدم رئيس الاركان وقائد الفيلق وصالوا على الايرانيين في صولة فرسان ودحروهم..
وعندما سمع صدام حسين بالحكاية ضحك طويلا وقال:
'منو يقدر يمنع ابو مثنى بهيج شغلات وحالات، والله صدام حسين ما يقدر يمنعه.. الفريق ثابت يقدر، لا يابه لا'؟
والحقيقة التي يجب ان تثبت للتاريخ ان قادة وضباط الجيش العراقي الاصيل من رؤساء وزملاء وتلامذة الفريق شنشل كلهم أصحاب غيرة وطنية وقومية وأهل كفاءة وخبرة ويتمتعون بحس انساني وصلابة وشجاعة غير هيابين من الحق ولا يخشون الشدائد والمحن مهما كبرت واتسعت، وفلسفتهم في الدنيا، الحياة بشرف والموت بالشهادة، وبالتأكيد فان أقسى ما يمر به الفريق شنشل الان انه يعيش بعيدا عن وطنه وقد يموت غدا أو بعد على سريره المتواضع في شقة ابنته او في مستشفى رمادي البناء ويستعرض شريطا طويلا من مسيرة حافلة بالعطاء والتضحيات وهذا هو فخره وشرفه وعزه ،على عكس من جاء مؤخرا ووضع الرتب المزيفة على كتفيه ونياشين العار على صدره وهو منبطح امام جندي صغير من المارينز.
الفريق عبد الجبار شنشل كان يمكن ان يعيش في قصور فخمة وفيللات باذخة ووسط الخدم والحشم والسيارات والمرافقين كما يعيش اؤلئك الذين لحوم أكتافهم من النظام السابق في عواصم عربية واوروبية، وهم منشغلون في صفقاتهم ومقاولاتهم وبعضها ، ولكنه عبد الجبار شنشل وهذا وحده يكفي، لم يفتح فمه في طلب مساعدة هو بأمس الحاجة اليها، ولم يسأل ولم يعتب ولم يخفض رأسا او هامة لاحد، هو هو بوجهه الحاد القسمات والتجاعيد المحفورة بعمق رغم شلل نصفي ضرب جسده نتيجة جلطة دماغية، ايمانه عميق بان عراقه سيعود كما كان أبيا وسيدا، وهو على يقين بان الجيش الذي كان فيه جنديا كما يردد دائما سيعود مهيبا وقويا مهما استخدم الغزاة وخدمهم من وسائل واجراءات حل والغاء .
فالجيش الذي خرج منه جعفر العسكري وطه الهاشمي وصائب صالح الجبوري وصلاح الدين الصباغ ومحمود سلمان وفهمي سعيد وكامل شبيب ورفيق عارف وعمر علي ونجيب الربيعي وناظم الطبقجلي وعبد الوهاب الشواف ورفعت الحاج سري وعبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وناجي طالب ومحسن حسين الحبيب وداوود سرسم وعارف عبد الرزاق ورجب عبد المجيد وابراهيم فيصل الانصاري وصبحي عبد الحميد وفيصل شرهان العرس وعدنان خيرالله ومئات القادة الاشاوس والاف الضباط النشامى منهم من راح شهيدا ومنهم من ينتظر، لن يذل ولن ينتهي ، وهكذا هم الرجال يبقون صناديد حتى في حالات ابعادهم القسرية عن حاضنتهم وثكناتهم وشيخوختهم..
عبد الجبار شنشل.. تحية اكبار واعتزاز وانت تحيا وتعيش وتموت.


ملاحظة:
نشر المقال هنا، وفي الموقع توجد تسجيلات فيلمية عن البطل شنشل.
كما يمكن قراءة المقال المنشور هنا

هناك 7 تعليقات:

Anonymous يقول...

ومنو كاعد بيته بالعرصات
انه حاتم علي سليمان
ومن اقتحموا حرس المالكي الدار قبل ايام واعتقلوا حماية حاتم ماندري المن صار هسه

ديار العمري يقول...

هذا بطل من الأبطال بطل وشريف ومقاتل وإنسان بمعني الكلمة رجل من زمن الرجال

خالد العاني يقول...

تشهدلك الايام يابطل حياك الله وبياك.

سرمد عقيل يقول...

رغم صغر سني (33)سنة الا ان هذا الرجل اعتبره ابو العسكرية كلها بعد جعفر العسكري مؤسس الجيش العراقي 1921.

أسد العروبة يقول...

تحـــية كبيرة لرجال الجيش العراقي الباسل، الشهداء والأحيال، وتحية لهذا البطل الذي عرفناه وخبرناه عنوان التفاني والمواضبة والأخلاق والإقدام.
اسأل الله في هذا اليوم الحرام من الشهر أن يأجرك صحيحا ومريضا، ويرأف بحالك ويخفف عليك وعلى أهلك.

أسد العروبة
البحرين

Anonymous يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا تحية إجلال لهذا البطل العراقي وهذا الصرح العالي والشامخ.
التحقت بخدمة العلم بعد تخرجنا من الكلية الضابط الأحتياط وسمعنا حينها ان سيارات الجيب الروسية الصنع "الواز" جهزت للجيش العراقي حسب توصية البطل أبو مثنى وينقل عن الضباط الذين عملت معهم انه كان ينام في سيارة "الواز" رغم كونه قائد عسكري وهو يتنقل ويزور الوحدات العسكرية في عموم العراق.
وشاءت الصدف بعد مرور السنين وعملي في جامعة صدام في الجادرية ان اعمل مع الكريم الاستاذ الدكتور مثنى شنشل وكان ريئسا للجامعة وكم هو شرف وفرصة للعمل مع استاذ عالي الاخلاق وبسيط وحبوب كالدكتور مثنى. ولو سمح لي الدكتور ان انقل واحدة من المواقف الحلوة معه وحينها كنا نحضر لاحتفالات نيسان وذهبت للدائرة المالية طلبا لبعض المصروفات لتغطية الزينة للاحتفالات وكون الوقت كان ضيقا فطلبت من الدائرة المالية لو بأستطاعتي ان آخذ الصك باليد لغرض التوقيع عليه من قبل رئيس الجامعة وهو استاذنا الدكتور مثنى فدخلت علية ووجهه ضاحك وقال تفضل فطلبت منه تفضله ان يوقع الصك لي وشرحت له الحاجة والسرعة فضحك ورد علي وهو يوقع الصك انه دائما يؤخر التوقيع على الصكوك لليوم التالي وهذه المرة استثناء فضحكنا سويا وشكرته.

سلامي
صلاح

جاسم رمضان يقول...

العراقي هو العراقي من سومر الى اشور الى الفتوحات الاسلامية والفترات المتعاقبة التي مربها العراق ينفض الغبار وينطلق نحو الابداع والتطور.

تنويه من المحرر

تنويه من المحرر
وجهات نظر موقع شخصي تماماً لا يمثل أي جهة أو حزب أو منظمة، ولا ينتمي إلا للعراق وأمته العربية والإسلامية، وهو محمي بالقانون وبميثاق الشرف الصحفي ولايسمح بإعادة النشر إلا بشرط ذكر المصدر.. الكتاب يتحملون مسؤولية مقالاتهم، والناشر غير مسؤول عنها..