هنا سنسمع نصاً جميلاً بصوت عذب، انه صوت المطربة الشهيرة تينا أرينا، وهي تبكي بغداد المحتلة، بغداد التي دمَّرها الغزاة الأوباش.. ثم سنقرأ نصاً جميلاً في بكاء المدن العربية، المسربلة بالخوف والقهر، والمتطلعة إلى الحرية...
استمعوا لبكاء تينا أرينا، وإبكوا معها بغداد، التي استباحها مغول العصر..
إبكوا معها وتضرعوا إلى الله بأن تتحرر بغداد وتعود كما كانت ملاذاً وماءً وخبزاً وضوءاً وضوعاً لكل العرب، وللانسانية الخيرة..
استمعوا إلى بكائها، وابكوا معها، علَّ دموعنا تغسل أدران بغداد التي تنزف دماً كل يوم، على يد أرذل خلق الله..
ملاحظة:
يمكن متابعة الروابط الواردة في تعليق أحد الاخوة القراء، فهي جميلة ومترجمة باللغتين العربية والانجليزية.
وإقرأوا بعد ذلك هذا النص، وفيه ترجمة لغناء أرينا أو بكائها، لا فرق..
.......
بكاءُ المدن:
بغدادُ الحلوةُ أبكَتْني، ويدي على قلبي يادمشقُ
نهلة غسّان طربيه
استمعتُ مؤخراً إلى أغنيةٍ عنوانُها (اسمي بغداد) للمغنيةِ الاستراليةِالشهيرة (تينا أرينا)، عذبةِ الصوت؛ تبكي سقوطَ بغداد وما أصابها بعدانهيارِ نظامِ صدّام حسين ودخولِ القوّاتِ الأجنبيّةِ إلى أراضيها.
في المقطعِ الأَوَّل، وهو اللازمةُ المتكرِّرةُ بَعْدَ كُلِّ مَقْطَعٍ في الأغنية، تقول بغداد، والتي هي بطلةُ الأغنية:
اسمي بغداد..
ولقد سقطْتُ تحت نار الدبّابات المسلحة.
اسمي بغداد..
الأميرةُ ذاتُ الوجهِ المشوَّه.
لقد نسيتْني شهرزاد.
*****
وفي المقطعِ الثاني، تتابِعُ بغدادُ قائلةً:
كنتُ أعيشُ بفرحٍ كبيٍرفي قصوريَ المصنوعةِ من الذهبِ الأسودِ والأحجارِ الكريمة.
وكان دجلةُ يتدفَّقُ فوقَ طُرُقاتِيَ المعبَّدَةِ بالكريستال.
وَلكَمْ تنافَسَ آلافُ الخلفاءِ لِيَرقصوا معي
كانوا يُطلِقون عليّ اسمَ 'المدينة الممتلئة بالنعم'.
يا إلهي كيف مضى الوقت سريعاً
كانوا يطلقون عليّ اسمَ 'عاصمة التنوير'.
يا إلهي كيف ضاع كلُّ شيء
*****
أمّا في المقطع الثالث، فتقول بغداد:
أَعيشُ الآن على أرضي كمتسوّلةٍ فقيرة.
وتُلازِمُني باستمرارٍ الأرواحُ القابعةُ تحت (البلدوزرات).
وَلَكَمْ أندُبُ جَماليَ المُخَرَّب،
فوقَ الحجارةِ المحترقة.
إنّما هم يغتالون روحي.
كانوا يطلقون عليَّ اسمَ 'عاصمة التنوير'.
يا إلهي كيف ضاع كلُّ شيء
*****
وتقول بغداد في المقطع الرابع:
حكاياتُ ألفِ ليلة وليلة الّتي كنتُ أَقُصُّها،
لم تعدْ تَهُمُّ أحداً اليوم.
إنّهم خرّبوا كلَّ شيء.
لقد خرّبوا كلَّ شيء.
*****
اعترتْني مشاعرُ مختلِطَةٌ من الحزنِ، والغضبِ، واليأسِ، والخوفِ وأنا أُصغي للأغنيةِ هذه.
بَكَيْتُ على بغدادَ الجميلةِ الّتي باعوها، واغتصبوها، وشَوَّهوا وجهَها الجميل.
بكَيْتُ على كلِّ العواصمِ العربيّةِ وأنا أَبكيْ بغدادَ. ففي ساحاتِ أغلبِها الآن توجَدُ بِرَكٌ من الدّم.
الأطفالُ يُقتَلون، وكذا النساءُ والرجالُ والشبابُ والكهولُ ورجالُ الجيش. وأغلبُ المدنِ والقُرى في كلِّ تلك العواصمِ يَملؤها النُّواحُ ويَكْتَنِفُها السّواد.
وا أسفاه على عاَلِمنا العربيِّ الذي فيه يَقتُلُ الأخُ أخاه، وتَهْرُبُ مِن سماواتِهِ العصافير، وتُشنَقُ الحرّيّة، وتُحَنَّطُ كُرْسيُّ الرِّئاسةِ، وَيُحْفَرُ لَها مَكانٌ تَحْتَ الأرضِ، كَيْ تَسْتَقبِلَ عظماءِ العرَبِ حينَ يَفِرّونَ إلى هناك، وتُزرَعُ الضغينةُ في القلوب، وتَبكي المآذنُ، وَتبوحُ أجراسُ الكنائسِ بَوْحاً حزينا.
رائحةُ الموتِ والبارودِ هذه، اِسْتَحْضَرَتْ من ذاكرتي مَقْطَعاً من روايةِ 'لِمَنْ تُقْرَعُ الأجراس' للروائي (إرنست هيمينغواي). في ذلك المقطع يؤكد (هيمينغواي) حقيقةً إنسانيّةً تَطالُ كلَّ الناس:
'لا يُمكِنُ لإنسانٍ، كائناً مَنْ كان، أن يكونَ كالجزيرة، نائياً بنفسه عن الآخرين حولَهُ. إذ أنَّ كلَّ إنسانٍ هو جزءٌ مِنْ قارّةِ الكون. فعلى سبيلِ المِثال، إذا غَمَرَ البحرُ كُتْلَةَ ترابٍ صغيرةً في أوربا، فإنَّ أوربا تصبحُ أصغرَ لامحالة. وكذلك فإنّ موتَ أيِّ إنسانٍ في أيّ مكانٍ، يقلّلُ مِنْ ذاتيَ البشريّة، لأنّني جزءٌ لا يتجزّأُ مِنها. لذلك لا تُرسِلْ مَنْ يسأُل عَمّنْ تْقرعُ الأجراسُ لموتِه؛ إذ أنّها في كلِّ مَرّةٍ تَسْمَعُها يا صديقي، تكونُ أيضاً تقرعُ لك ... لموتِ جزءٍ منك دون شك'.
لا يوجدُ هناك أيُّ تبريرٍ للشرِّ ولا للعنفِ ولا للحَربِ إلاّ في الغابة. وقد نَهَتْناعن ذلك كلُّ الأديانِ السماويّةِ وغيرِ السماويّة، وكلُّ المدارسِ الفكريّةِ، وكلُّ القوانينِ المدنيّة. لايمكنُ أبداً أن نبرّرَ أو أن نسمحَ بقتلِ طفلٍ يَطْلَعُ القمرُ من وجهِهِ الصَّبوحِ كلَّ مساءٍ، أو بِقَتْلِ رَجُلِ جَيْشٍ يَنامُ الوطنُ في رَمْشِ عَيْنِه، أو بقتلِ شيخٍ مُنهَكٍ لمّا يحقّقُ شيئاً من أحلامِه على مدى عمرِهِ المليءِ بالشَّقاءِ والخَيْبات، أو بِقَتْلِ أُمٍّ ماتزال تُصَلّي حتّى تعودَ فلسطينُ للعرب.
أَوَلا يُمكِنُنا في شرقِنا المسكين، في القرنِ الواحدِ والعشرين، أن نستبدلَ الهراواتِ التي ينهالُ بها الذكرُ على الأنثى، والشرطيُّ على المواطنِ، والحاكمُ على الشعبِ، والأستاذُ على التلميذِ، والإمامُ والكاهنُ على المصلّين... أن نستبدلَ كلّ هذه الهراواتِ بكلماتٍ نتحاورُ بها معاً؟ هل نستطيعُ استبدالها بكلماتٍ محضونةٍ بدفءِ الشرقِ النادرِ، ومَعْجونَةٍ من قمحِ وزيتِ الشرقِ الذي كلُّه بَرَكَة، ومضمَّخَةٍ بِغارِ الشّرقِ وياسمينِهِ، ومباركَةٍ من الأنبياء الذين أتَوا من هذا الشرق تحديداً، حيث أرسلَهم ربُّ الكون العظيم، ربُّ الكونِ كِلّه، إلى هناك؟
يَعْرِفُ أغلبُنا قولَه تعالى في ' سورة آل عمران'
' قُلْ يأهل الكتَب تعالَوا إلى كلمةٍ سواءِ بيننا وبينكم'، كما يعرفُ أغلبُنا أيضاً أنّه 'في البدء كان الكلمة'.
كم تحميْنا الكلماتُ مِن حروبٍ وحروب، وغبارِ معاركَ غيرِ إنسانيّة، وأشلاءٍ تَخِزُ العيونَ والقلوب.
هل يُمكنُ لِشعوبِنا العربيّة، يا تُرى، في شرقِنا المسكين أن تُصْدِرَ قراراً عامّاً تدعو فيه الجميعَ، في كلِّ ساحاتِ عواصِمِنا السمراء، بالعودةِ إلى الضّمير، وبالغناءِ للمحبّة، وبنبذِ كلِّ أشكالِ العنف، وبالاعتذار من رجالِ الجيشِ الذين بَصَقْنا في وجوههم؟ هل يمكنُ لنا أن نَرى حكّامَنا يُلقون علينا تحيّةَ الصّباحِ في الباصاتِ العامّة، ويقبّلون أصابعَ الأطفال؟.
حين يُمكِنُنا فِعلُ ذلك... وحين يُحِبُّ المواطنُ والحاكمُ بعضَهما... ويفهمان أنَّ كلَّ كراسيِّ الرئاسة، وبيادرِ الأموال، لا توازي حبّةَ ترابٍ في الوطن؛ وأنَّها لاتستوجبُ حَرْقَ الأغلالِ، وتلوينَ ماءِ الجداولِ بدمِ الشباب، وتدميرَ المرافقِ والبنى التحتيّةِ، وسرقةَ النّدى من البراعمِ، واستهدافَ الشمسِ الّتي رسمَها الفقراءُ بالطّباشيرِ على الحيطان كي يتدفّأوا، واستدراجَ العيونِ الغادرةِ إلى ساحةِ الدّار، واستبدالَ المواويلِ بالعويل..
حين نتمكَّنُ من استيعابِ هذه الحقوقِ والواجبات، يَتَكَفَّفُ دمعُ بغداد. حينها نُطعِمُ بغدادَ الجميلةَ رِطاباً حَرَموها مِنهُ منذ عهدٍ بعيد، ونُلبِسُها عَباءتَها الشرقيّةَ المزركَشة، ونأخُذُ بيدِها النحيلةِ كي تمتطيَ هَوْدَجَها الضائع، ونُعيدُلها كتابَ 'شهرزاد' ِلتُتابِعَ قَصَصَها البديع.
عندئذٍ فقط يَهْدَأُ شهريار، ويَعْلَمُ اْنّ دمشقَ الأميرةَ، ومَعَها كلُّ أخواتِها الأميراتِ مِن عواصمَ عربيّة، وَشْوشَتْ بغدادُ سِرَّها: إنّها تَخافُ كما بغدادُ-من الظلم والفساد والحروب.
باللّهِ عليكم ارْفِقوا بآخرِ مَنْ تَبَقّى مِنْ أميراتٍ عظيماتٍ في عالَمِنا العربيّ، في شرقِنا الباكي، يا أيُّها الحكّامُ والشُّعوبُ العربيّة.
لدمشقَ حبيبتي أقول: لا تخافي يا 'بوّابةَ التاريخ' فأنتِ تنامين كالمساءٍ في عيونِنا، ونغطّيكِ بالأهدابِ مع فلذات أكبادِنا، ونحاولُ.. نحاولُ فقط.. أن نحميَ ذرّاتِ ترابِكِ الغاليةِ، الغالية.. بكثيرٍ من الصّلاة، وتعويذةٍ، ودمعةٍ لاتبرَحُ العيون.
هناك 5 تعليقات:
لقد دفعنا في العراق الثمن الغالي الغالي جدا فليتعلم العرب شعوبا وحكاما بان تغيير الانظمة بالتوسل بجزمة الاجنبي يمحق الشعوب والحكام
الله الله الا يقرأالعرب كيف خسروا الاندلس بسبب حروب الطوائف واستعانة الامراء على اولاد عمومتهم بملك اسبانيا فرماهم في البحر جميعا.
اتعظوا، التاريخ يكتب لكي لايعيده الحصيف.
وشكرا للاخت نهلة على ترجمتها وتعليقها.
وشكرا لوجهات النظر ومشرفها على اتحافنا بكل مايزيد تنويرنا
المقدم الركن ط
سبحان الله العظيم الجبار القادر على كل شيئ قدير ياعظمته .... سوف لن ينفعنا بكاءنا دمآ وليس دمعآ .. الا بان يسيل على ارض العراق من اجل نصرته واحقاق الحق بما يرضاه الله ورسوله .... والله وحده يعلم كيف هو النزيف في عقلنا وعقلنا والله العظيم لن يكفينا شيئ الا ما سنراه وقد قبضنا بايدينا رقاب العملاء ولن يكون ذلك اليوم ببعيد مادمنا مؤمنين بالله ورسوله واهبين حياتنا لارضنا ولاحرار العراق بوركتم على هذه الماده الرائعه وقد اصدعت بها هذه الانسانه الرائعه تينا ارينا وهي استراليه فاين انتم يا ابناء جلدتي من ذلك وبورك فيك يا اختنا نهله غسان طربيه يا صاحبة الوجه الصبوح فعلقي الامل اولا وآخرآ بالله تعالى وستعلمين ان كنت لاتعلمين كيف يكون احرار العراق في الغد القريب انشاء الله ( وان غدآ لناظره لقريب )
هذه أخوتي فديوات جميلة وأحدها مترجم بالعربية للأغنية على اليوتيوب
http://www.youtube.com/watch?NR=1&feature=endscreen&v=P1hnY7_330g
وهذا لحفلتها التي قدمت بها أغنيتها أسمي بغداد ﻷول مرة ومترجمة للأنكليزية
http://www.youtube.com/watch?v=6bDQGm04jpM&feature=related
قاتل الله التتار الجدد وقاتل الله معهم احفاد ابن العلقمي ..
الأستراليه تينا أرينا أشرف منكم ياحكومة المزرعة الخضراء . تباً لكم أيها الأوغاد
إرسال تعليق